مريم أنيس تكتب: النظارة السوداء التي توضح الرؤية !

أحياناً ننظر للحياة نظرة تفائلية مملوءة بالورود المبهجة والألوان المشرقة، ومعها فيحات الربيع ونستنشق عبير البهجة والفرح . نظن أن الفرحة لن تتخلى عنا . نرفع أرجلنا لنتسابق مع الريح في الطيران ، نركل كل لحظه سيئة أو ذكرى فشل يائسة يمكن أن تستحضرنا . لكن تحتم علينا الحياة في لحظات أن نعيش لقطات صعبة مأخوذة بمنظور مختلف إلى حد ما ؛ فعندما يسري الوحش في كيانك تجد وكأن شيء أصاب بصرك وأهتزت رؤيتك وأختلفت . تضيق عيناك ، تختنق رؤيتك ، يكسو الظلام جوانب المشهد ، تختفي الألوان ، يختفي بصيص الشمس الذي كان يتصدر الكادر.

انت الأن ترتدي نظارة سوداءعجيبة تحول رؤيتك لكل الأمور بطريقة سريعة ، لن تعود تنظر الأشياء برونقها بل يتصدر الأبيض والأسود البطولة الثنائية لاغيين أي دور أخر لأي لون يمكن أن يسطع في اللوحة . تهرب كل الرغبات والطموحات وتختبىء في غياهب الضباب . تنسحب منك كل لذة وكل تذوق يمكن أن تشعر به . تتساءل كثيرا عن سر فرحة الأخرين ؟ تتعجب لصمود الأخرين واستمرار تحملهم لأعباء الحياة رغم كل ما يتكابدونه ! هل الحياة تستحق كل ذلك التحمل ؟! تلك النظارة هي نظارة المرض ،المرض سواء كان بسيطاً عابراً أو قوياً كاسراً . المرض الذي يؤثر على كل كيانك وحياتك وعلاقاتك ، يلغي كل خططك ، فتقف امامه عاجزاً لا تملك قوى أن تحدد أو تقرر أي شيء مهما كان مهم أو مصيري . المرض الذي يهوي امامه الكل بدون تفرقة ان كان عبد فقير أو سيد عظيم له سلطة ونفوذ .نعم هو المرض الذي يجبر الملوك على التمدد قهرا على الاسرة ، الذي يشل حركةأعتى الأقوياء والجبابرة . لا شخصية ولا قوة ولا جمال يمكن أن يهزم المرض . لا يمكن أن تطيعه حسب خططك ووجباتك ومسؤلياتك بل أنت من يجب أن تنحت حياتك على حسب مستلزماته . لكن لا تسمح لنظارتك السوداء أن تستحوذ كل بصرك ، دع بصيرتك تنفذ إلى ما وراء المشهد . دعها تستخلص عبق الحكمة في تلك اللحظات القاسية ! دع محبة الأقرباء والأوفياء تغمرك وأسمح لهم أن يقبع حبهم في قلبك . المرض يلقنك أعظم الدروس وهي أن تنظر لعمق الأمور ولا تنخدع بالقشور التي كانت تلهيك في الماضي .فجاة تجد نفسك تخلع عباءة السطحية عنك بكل ثقة . لا غني عن أن تدرك أهم درس يمكن أن تتعمله هو أن الحياة كالبحر وأنت كالمركب ، وفي لحظات يمكن أن تنعم بالهدوء والأنسجام وفي لحظة يمكن ان ينقلب عليك كل شئ . لا تطمئن أو ترتمي بكل جوارحك وتثق بكل قلبك في أمواج الحياة المتقلبة سواء مال أو جمال أو منصب أو شهرة . لا تستند على الماء وتظن أنه سيحملك أو يتحملك !



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;