كم من عقاقير تناولها المرضى ولا يعلمون عن مادتها الفعالة شيئا، كم من أعشاب طبية ولبخات لا تمُت بصلة للمرض - وُصفت من شخص موثوق به - وليس لها فاعلية نظريا، ورغم ذلك جاء تناولها بمثابة السحر على مُتناولها.
كم من مريض تردد على محال (عيادات منتشرة فى الأقاليم تتجاهلها وزارة الصحة !) لعلاج انزلاق غضروفى، يستخدم المُعالج (وهو ليس بطبيب) فى جلساته أداة خشبية، يضغط بها على مواضع يحفظها فى أظهُر مرضاه، ليوهمهم أن الغضروف الخارج من مكانه المعتاد - الغاضب من وجوده فى عمود فقرى يهمله صاحبه - قد عاد إلى موضعه القديم، وبالفعل تأتى جلساته بثمارها أحيانآ، وإن كانت بشكل مؤقت !
كل ما سبق ذكره يندرج تحت مُسمى ال placebo effect أو العلاج الوهمى، وهو كل علاج ليس له أثر علاجى فعال ! .
حيّر الجسد البشرى العلماء ولا يزال يمارس هوايته، فقد وجدوا أنه كلما زاد توقع المريض فى شفاء الدواء - وإن كان وهما -، كلما كان ذلك مؤثرا بالفعل على صحته بل ويُحدث هذا تغيرا فسيولوجيا فى جسده ! .
فى بعض الأحيان حين تذهب لأكثر من طبيب، ويحتاروا فى تشخيص علتك، ثم يكتشفوا أن ألما نفسيا قد أصابك، وأثر ذلك على أعضاء جسدك بالسلب، فيطلبوا تحويلك للعرض على طبيب نفسى .
كذلك العقل، الذى يستطيع خداعك بأن العلاج الإرضائى (الوهمى) الذى تناولته هو ملاذك الوحيد للتخلص من مرضك .
و على سبيل المثال، أنك إذا كنت ذات مرة تناولت دواء لعلاج البرد، وكنت مصابآ - فى نفس الوقت - بضيق فى شُعُبك الهوائية أدت إلى سُعال لا يفارقك، وشفيت من البرد والسُعال معآ، ثم عاودك السُعال مرة أخرى، فتناولت نفس الدواء (الذى لا يوسع الشُعب الهوائية فلا ضرر منه ولا فائدة) ووجدت أنك قد شُفيت، إعلم أن تلك حالة علاجآ وهميآ خدعك عقلك فيها .
لذا حين تمرض، وجب عليك اللجوء للطبيب لتعرف تشخيص مرضك وعلاجه والسعى بكل الجهد لتعرف فائدة الدواء الذى سوف تتناوله، فالعلاج الوهمى نعم قد يؤثر بالإيجاب على صحتك وفى أحيان أخرى قد لا يكون مؤثرا على الإطلاق !