أوشك الضيف الكريم على المغادرة ، قارب رمضان على الانتهاء والرحيل ، والتساؤل الرئيس ماذا استفدنا من رمضان؟ وماذا تعلمنا من الشهر العظيم ؟ لماذا الصيام ؟ ما السلوكيات التى من المفترض أن تتغير بعد رمضان ؟ هل نتوقع تغير فى الدوافع والاتجاهات لدى الأفراد ؟ هل نتوقع سلوكيات أفضل؟ هل نتوقع معاملات إنسانية يعلوها الاحترام المتبادل والرحمة بالآخرين ؟ لماذا تتغير المعاملات فى رمضان عن غيرها فى باقى الشهور؟ لماذا نحن أشخاص أخرون فى رمضان ؟ لماذا نحن فى قمة العبادة فى شهر كامل ثم ينخفض الترمومتر مباشرة ؟ هل يحتاج سبحانه وتعالى لعبادتنا ؟ أم أننا فى أمس الحاجه لرحمته الواسعة ؟
لابد أن نقف ونتعلم وندرس ونبحث ونتحاور، لماذا فرض الله الصيام ؟ الإجابة فرض الله الصيام للتقوى مصداقاً للآية القرآنية التى تقول ( ياأيها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) صدق الله العظيم. فليست العبرة فى التعب والإرهاق من قلة الطعام والشراب فى نهار رمضان وإنما العبرة فى أننا نجتنب الحلال طاعة لله، فما بالنا بالحرام؟ لذلك فالهدف الأساسى من الصيام هو تغير فى النوايا وتغير فى السلوكيات وتغير فى الدوافع والاتجاهات. فالقضية أكبر من الصوم نفسه، فالدافع القوى وراء قضية الصيام هو التغير الكلى فى الجسد والروح معاً حتى يحدث تغير هيكلى لجميع أروقة الجسد والروح معاً حتى يحدث فلترة للشوائب الجسدية وتنقى الروح تماماً لتصبح فى صفوف الملائكة. والبديهى أن رمضان سلوكيات وليس صيام فقط، ورمضان تغيير نحو الأفضل
فلقد رحل رمضان ولم يمضى على رحيله إلا ساعات قليلة ، ولربما عاد تارك الصلاة لتركها مرة أخرى، وآكل الربا لأكله مرة أخرى ، ومشاهد الفحش لفحشه وشارب الدخان لشربه فنحن لا نقول أن نكون كما كنا فى رمضان من الأجتهاد ولكن نقول : لا للإنقطاع عن الأعمال الصالحة، فلنحيا على الصيام، والقيام والصدقة ولو القليل . ها نحن ودعنا رمضان المبارك ... ونهاره الجميل ولياليه المقدسة، ها نحن ودعنا شهر القرآن والتقوى والصبر والجهاد والرحمة والمغفرة والعتق من النار ماذا جنينا من ثماره اليانعة وظلاله الوارقه ؟ هل تحققنا بالتقوى ... وتخرجنا من مدرسه رمضان بشهادة المتقين ؟ هل تعلمنا فيه الصبر والمصابرة على الطاعة وعن المعصية ؟ هل ربينا فيه أنفسنا وأولادنا على الجهاد بأنواعه ؟ هل جاهدنا أنفسنا وشهواتنا وانتصرنا عليها ؟ هل غلبتنا العادات والتقاليد السيئة ؟
فبعد مرور شهر فى عبادة مع الله، وبعد انتهاء الشهر الكبير وفى أول يوم العيد يحدث للفرد نوع من التراخى عن العبادة، لكن فى اللحظة التى يحدث فيها هذا التراخى يكون الشيطان فى قمة سعادتة ، ويسعى جهده لإيقاعك فى أى ذنب حتى تيأس بعد ما فعلته فى رمضان من عبادة وصوم وقيام، فالشيطان يريد أن يضيع ما فعلته قرابة الشهر من عبادة وتذلل لله سبحانه وتعالى .. ولذلك تقول الآية : { ولقد صدق عَلَيْهِم إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ } سورة سبأ. ولكن لن يصدق ظن إبليس علينا جميعا، لأن تكملة الآية تقول: {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين، فيا ترى أنت من أى فريق؟ هل أنت من فريق المؤمنين؟ أم من الذى صدق عليهم إبليس ظنه؟ يقول الله تبارك وتعالى: (ولا تكونوا كالتى نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا) صدق الله العظيم.