الاصلاح الاقتصادى له تكلفة وله عائد، والتكلفة تتحملها الطبقات الأقل دخلا، والطبقات محدودة الدخل ومعدومة الدخل هى الأكثر معاناة من تكلفة الاصلاح، والبعد الاجتماعى عنصر ضرورى لنجاح برنامج الاصلاح الاقتصادى على المدى الطويل، فمن خلال هذا البعد يجب على المواطن مراجعة سلوكه الاستهلاكى والعمل على تنظيمه وترشيده ، وعلى الحكومة مراعاة هذه الطبقات وايجاد الأدوات التى يتم من خلالها تعوضها عن جزء من اعباء الاصلاح ، وبدون مراعاة البعد الاجتماعى لن يتمكن الاقتصاد من تحقيق التنمية المستدامة، فدعم الحكومة لهذه الطبقات يمكنها من الصمود وتحمل الاعباء الى ان يتم استكال برنامج الاصلاح وتحقق العائد وانعكاسه على جميع طبقات المجتمع وبالتالى تستمر عجلة التنمية فى الدوران .
وبدأت مصر برنامجاً للاصلاح الاقتصادى والاجتماعى الشامل منذ عام 2016 ويستمر حتى عام 2019، وقد تم تحقيق نتائج خلال الفترة الماضية تمثلت فى استعادة الاستقرار الاقتصادى، وثقة الأسواق والمؤسسات الدولية فى الاقتصاد المصري، وتوفير موارد مالية لزيادة الإنفاق فى الاستثمارات العامة، وقد ساهمت تلك النتائج فى تحسن معدلات النمو الاقتصادى وتحسن فى المؤشرات المالية للموازنة العامة .
بعد عامين من تطبيق برنامج الاصلاح الاقتصادى وتحقيق نتائج اقتصادية ملموسة، لم تشعر الطبقات الاكثر تضررا من برنامج الاصلاح بتحسن ملموس فى الخدمات المقدمة لهم، وقد استهلت الحكومة الجديدة اعمالها برفع شريحة اخرى من دعم الطاقة الكهربائية والمواد البترولية، والتى ترتب عليها زيادة فى اسعار السلع والخدمات بمعدل يوازى الزيادة فى اسعار الطاقة، ولا نختلف على ضرورة الاجراءات التى تقوم بها الحكومة استكمالا لبرنامج الاصلاح، لكننى اهمس فى اذن الحكومة والفت انتباههم الى ان الطبقات الفقيرة والمعدومة لن تستطيع تحمل اعباء اضافية ، وعلى الحكومة سرعة خلق ادوات تساعد هذه الطبقات فى مواجهة اعبائهم حتى لا يندفع بعضهم الى وسائل غير مشروعة لمواجهة اعباء الحياة ، قد تؤثر على المجتمع ككل وعلى نجاح برنامج الاصلاح الاقتصادى .