على مدار العشر سنوات الماضية تَرَقبَ عُشاق كرة القدم فى كافة أنحاء العالم من يُنهى إحتكار الأرجنتينى ميسى و البرتغالى رونالدو للجائزة السنوية لأفضل لاعب فى العالم فمنذ عام 2008 حتى الآن لم يستطع أى لاعب آخر غيرهما الفوز بتلك الجائزة فمن بعد البرازيلى كاكا رسام عصر الميلان الإيطالى الذهبى الفائز بدورى أبطال أوروبا لعام 2007 ومن ثم لاعب العام عالمياً لنفس السنة لم يظهر لاعباً بارزاً قادراً على مُزاحمة ميسى و رونالدو على جائزة أفضل لاعب فى العام .
فى بعض الأحيان رشح البعض نيمار البرازيلى ، روبين الهولندى و إنيستا الإسبانى لإقتناص جائزة الأفضل عالمياً لكن لم يبرز أحداً منهم مثلما برز الدولى المصرى محمد صلاح هذا العام فجناح ليفربول الإنجليزى أبهر الجميع و تفوق على نفسه فى موسم إستثنائى من فرعون مصر و الذى جعل العديد من أساطير الكرة على رأسهم كريستيانو رونالدو يُرَشحه لخلافته على عرش الأفضل عالمياً و إن كانت حظوظه غير وافرة هذا العام فله من الأعوام القادمة فرص أكبر للظفر بلقب الأفضل فى العالم .
فى أواخر يونيو من العام الماضى أعلن نادى ليفربول الإنجليزى عن نجاحه فى إتمام تعاقده مع جناح مصر و نادى روما الإيطالى مُقابل ما يقرب من 50 مليون يورو لكن عدد كبير من قُدَامى ليفربول و خُبراء الدورى الإنجليزى لم يتوقعوا نجاحه بل تحدثوا بأن المبلغ الذى دفعه ليفربول لروما كان مُبالغاً فيه فصلاح لا يستحق كل هذا ! لكن سُرعان ما رد عليهم الجناح الطائر سريعاً و كان رده حاسماً و قوياً فوق المُستطيل الأخضر فأدهش الجميع و أجبر حتى مُنتقديه على الوقوف إعجاباً به و التصفيق إشادةً به حتى أصبح الدولى المصرى لاعب الموسم فى أرض الإنجليز .
بدأ صلاح موسمه فى المعسكر التحضيرى للموسم و أحرز هدفاً فى أول مباراة ودية له و توالت أهدافه حيث سجل أيضا أمام واتفورد فى إفتتاح الموسم و من ثم بدأت أسهمه تتصاعد و فرض نفسه أساسياً على تشكيلة الألمانى يوجن كلوب حتى صار الأفضل فى الدورى الإنجليزى بل و هداف البطولة أيضا بإحرازه 32 هدفاً و صناعة العديد من الأهداف فأصبح " مو صلاح " بمهاراته و تواضعه المعشوق الأول لجماهير مدينة ليفربول بل فى إنجلترا بأكملها .
أما على صعيد دورى أبطال أوروبا فقاد صلاح ليفربول للوصول إلى نهائى البطولة الأعرق على مستوى الأندية فى العالم بعد غياب دام 11 سنة فساهم فى ذلك بإحرازة 11 هدفاً حاسماً لكن الإصابة فى المباراة النهائية أمام ريال مدريد غيرت مسار نهاية موسم صلاح الإبداعى فخرج من ملعب العاصمة الأوكرانية كييف باكياً غير مُصدق لما حدث و خسر فريقه اللقاء بثلاثية مقال هدف يتيم لتتبخر أحلام صلاح و رفاقه فى الفوز بلقب دورى أبطال أوروبا هذا العام .
صلاح بالنسبة للكثبر من أبناء وطنه فى ربوع جمهورية مصر العربية هو بمثابة نسر العلم المصرى لأنه من تحدى كافة الصعاب و تغلب على الكثير من المعوقات التى تقابلهم فى حياتهم اليومية فخرج من أسرة بسيطة و كافح حتى أصبح نجماً مُضيئاً و مُشرفاً لبلاده فى سماء الكرة العالمية و لعل للسبع دقائق الأخيرة فى مواجهة الكونغو الشهيرة فى أكتوبر الماضى حكاية خاصة عند المصريين فمن خلالها تجسدت حسرة صلاح على ضياع حلم كان فى المتناول لكن عاد بعد ثوانٍ قليلة و شد من أذر رفاقه و طلب من الجمهور التشجيع مرة أخرى فبث روح الإصرار فى جسد كافة اللاعبين حتى تحقق الحلم على يديه و بأقدامه بتسديده لركلة جزاء التأهل لكأس العالم بروسيا فى لحظة عصيبة لن ينساها أى مصرى مُحب لوطنه و شغوف بكرة القدم .
المحطة الأخيرة فى موسم صلاح كانت هى كأس العالم فى روسيا فحرمته إصابة راموس الشهيرة من لعب أول مباراة أمام الأورجواى ثم لعب ثانى و ثالث لقاء أمام كلاً من روسيا و السعودية على الترتيب و أحرز هدفى مصر فى البطولة بمعدل هدف فى كل مباراة ، خسرت مصر مبارياتها الثلاثة و تزيلت المجموعة الأولى فكان خروج مُبكر لصلاح فى المونديال ونهاية حزينة لا يستحقها أفضل لاعب فى القارة السمراء لعام لعام 2017 لكنها إرادة الله و نحن على ثقة تامة بأن النسر المصرى سيعود أفضل مما كان عليه فى الموسم القادم مع فريقه ليفربول الإنجليزى و أيضا بعد تقييم التجربة المونديالية و تغيير الخطط الفنية نتمنى ظهور مختلف للمنتخب المصرى فى المواعيد القادمة و أولها كأس الأمم الإفريقية فى الكاميرون صيف العام المُقبل فالحياة لا تفف عند تَعثُر بل تُتيح لك فرص جديدة للتعويض و بلوغ ما تريد