أثناء زيارتى لمستشفى للأمراض النفسية، التقيت برسامة رائعة، فوجئت بتشخيص حالتها، طلبت من المسئول عن الحالة الجلوس معها، وتعهدت له بإقرار شخصى ألا أثير غضبها لأنها وحين تغضب لا يمكن لأحد إيقافها؛ رسوماتها رائعة، ترسم بتفاصيل دقيقة كما لو أنها ترقص على الورقة بالأقلام؛ تحدثنا عن الرسم، السياسة، الدين، أمامى كانت فتاة ناضجة كاملة الوعى والإدراك، أمامى كانت فتاة أقل ما يقال عنها أنها عبقرية، لكن كيف تم إيداعها هنا! ما الذى حدث لينتهى بها المطاف فى هذا المكان؟
من بين قصصها التى لا تنتهى قالت: "لقد أقسموا جميعًا أننى مريضة نفسية، حتى صدقتهم"، أقصد أن سخرية الأهل من أفكارنا، التقليل من إنجازاتنا مهما كانت عظيمة، المراقبة التى تصل لحد مراقبتنا على أبسط الأمور، التنمر على كل رأى أو طلب للحفاظ على شخصياتهم وقوتها، اتهامنا الدائم بالجنون، بالتمرد وافتعال المشاكل، أو حتى اليأس، وضع ضغوطات ليست فى محلها، وضع قواعد غريبة بحجة الخوف والحب، كل تلك الأشياء إن لم تتقبلها فأنت مصاب باضطراب نفسى، أو ربما ممسوس من الجن، فقط لأننا نفكر أو نختلف عن الإطار التقليدى الممل، فجأة يعاملونك على أنك مختل أو ممسوس، بالكلمات، النظرات، المواقف، مثل تلك الأساليب القاسية التى يرتكبونها بدافع الحب، تجعلنا حقًا نؤمن بانطباعاتهم عنا، فنصبح ذاك الذى يتهموننا به، "لم أكن مريضة نفسية، لكن طريقتهم فى التعامل معى جعلتنى أصدقهم".