أحترم بشدة كل ما هو متفائل على وجه الأرض، انسانٱ، حيوانٱ، نباتٱ، سيارة أو حذاء.
لماذا؟
لأنهم جميعٱ مناضلون.
يناضلون ضد الاحباط وما أدراك معنى النضال ضد الإحباط.
فالناس تعلق آمال على الكذاب، والحيوان يتعلق بصديقه حتى وأن آذاه، والنبات يحارب ليبقى حتى وان جفت تربته، والسيارة تقاتل مع وجود عيوب متعددة داخلها، ولكنها تتغافل عنها وتحاول أن تسير وتجبر خاطر صاحبها، والحذاء (يعافر) ويتحمل شوارعنا وطرقنا وجواربنا من أجل الاستمرار.
لنركز على الآدميين من هذه الباقة السابقة، ونقول أن المتفائلين منهم؛ يصدقون الكذاب الذى لا يفى بوعدٱ واحدٱ، ولكن بقدراتهم الفذة يمنون أنفسهم وينتظرون الأحداث السعيدة وهم يعلمون أنها فى الغالب لن تأتى.
هناك من لديهم أملٱ فى وصول هذا الجميل، وهناك من مكنه (جبروته)، من انتظار جميلٱ، كل المعطيات تلغى كل التوقعات بوقوعه.
ولكنهم يبحثون عن لحظات سعادة مؤقتة ولو استمرت لدقائق أو ساعات (وخلاص).
يناضلون لكيلا يصبحون مثلنا، لا يصدقون أحدٱ ولا يتعلقون بشئ ويكرهون الغريب ويستغربون السعداء وينتظرون نهاية كل بهجة.
أغلبهم للأسف من الأطفال ولكنى أحترمهم أيضٱ وبشدة.
أحيانٱ يكونون على علم تام بأن من وعدهم بحلوى لن يحضرها لتكرار وعوده الكاذبة.
وأن الذى وعدهم برحلة مصيف لن يفى بوعده، وأن الذى وعدهم بلعبة معينة لن يحضرها لهم، ولكنهم يتحاكون عنها أيامٱ وأيامٱ وبسعادة حقيقية حتى مع علمهم بل يقينهم بأن هذا الجميل غير مؤكد بل غير محتمل، ورغم ذلك يستمتعون بهذا الحوار الخفيف الملئ بالتطلع والرجاء حتى وإن استغرق دقيقة أو أكثر قليلٱ.
ويكررونه عدة مرات على مدار أيام ليجددوا شعورهم بالأمل والسعادة، وفى عيونهم فرحة حقيقية وأمل صادق.
ناس غريبة جدٱ بصراحة!
سلامٱ عليهم جميعٱ، وحفظهم الله لنا، وأكثر من أمثالهم.