مرت سنوات وسنوات وأنا مازلت كما أنا نفس الشخص نفس الأسلوب ولكن ليست نفس الحياة. فقد تغيرت كثيرا مرت بمراحل ومنحنيات ومطبات بعضها صناعى من صنع البشر وبعضها طبيعى من تغيرات الزمن ظهرت الحقائق فى بعض الأمور وبعضها زاد غموضا. تملكنى الخوف أحيانا وتملكتنى الثقة فى أحيان أخرى. وجوه فقدت بريقا من عينى ووجوه زادت لمعانا كالعادة بعد وفاتهم. من خبرات السنين لم أعد أجادل كثيرا أحاول الحفاظ على ما تبقى لى من أعصاب هدرها الزمن ومزقتها الصراعات.
أطل أحيانا على الماضى فأبتسم وأتذكر من كانوا وكيف كانوا وكيف انتهوا. تمكنت من تحليل الأحداث فأصبحت أخشى القادم فزاد قلقى على أقرب الناس. رأيت الادوار تتبدل والمناصب تنتقم من أصحابها وشمس فقدت دورها فى الدفء وقمرا فقد بريقه فى اقتحام الظلام. فصارت لدى برودة مشاعر لم أعد أهتم كثيرا فضلت الابتعاد عن كل شىء أصبحت العزلة صديقى الأول وأصبحت صديقا للكتاب فهو صديق لا أمل منه يعطينى الجديد وبلا توقف يعطينى فرصة لالتقاط أنفاسى فقد أحسست أن العالم كله يتوقف عند فتح الكتاب وبين السطور أسبح فى عوالم أخرى قد أجدها تناسبنى أكثر فأنا أميل إلى عصور أخرى كنت أتمنى أن أعيش فيها. أتمنى لو كانت آلة الزمن القصة الأسطورية التى صورتها الأفلام القديمة عشرات بل مئات المرات أتمنى أسافر بها عبر مئات السنين عبر العصور الماضية وأرى كيف كانت الحياة بدون أى تكنولوجيا كانت الطبيعة هى السائدة. قرأت كثيرا عنهم وبحت ولم أجد شبها بيننا وبينهم. أعتقد أننا جميعا نريد الهروب من الواقع الذى نعيش فيه نريد أن نرى جديدا ولا نعود للواقع أبدا. هى أمنية مستحيلة ولكنها ممكنة فى الخيال فى أن تغمض عينيك وأن تنسى ما تعيشه من آلام ومشاكل.
أن تقترب من ذاتك التى تاهت وسط متاعب الحياة. أن تستمع إلى صوتك الداخلى بعد ما انهكته المكالمات الهاتفية الطويلة. أن تقرأ أفكارك بعيدا عن البلوتوث والواى فاى والإنترنت وكل ما كان يفرض عليك من أخبار بعينها أو إشاعات وأكاذيب. أن ترجع كما كنت فى السابق. فالعودة دائما صعبة. فعقارب الساعة لا تعود أبدا إلى الخلف ولكن حاول أن تعود ولو فى الخيال واكتشف نفسك من جديد ستجد إنسانا آخر تماما.