ابنى الصغير صاحب الثلاث عشرة عاما يحب تربية القطط، وحينما أراد أن يزوج قطته ذهب إلى محل لتأجير الذكور فاستأجر واحدا لمدة أسبوع وفى حجرة واسعة بالرووف أعد لهما عش الزوجية، وبعد بضعة أيام سألته مازحا: ما الأخبار؟ فقال: سبحان الله يا بابا، كلما صعدت لإطعامهما وجدت قطتى فى ركن والقط فى ركن آخر لم يقربها منذ أن وجدها غير راغبة فيه!.. يا الله حيوان فى حجرة منفردة مع أنثى من نوعه آنس منها رفضا له وعدم رغبة فيه فتركها منزويا فى ركن بعيد، بينما هناك مخلوقات أخرى يدعون أنهم بشر وفوق ذلك يؤكدون الانتساب إلى أطهر ديانة وهى الإسلام والاتباع لأعظم وأحن وأرحم وأرأف وأشرف من مشى على الأرض سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه الذى أوصانا بحسن معاملة النساء فقال: "رفقا بالقوارير"، وأوصى الأزواج بعدم وطء نسائهن بغير رضائهن، تلك المخلوقات المشوهة نراها تمسح البسمة من وجوه العفيفات وتبذر الخوف فى قلوب الأسيرات وتتعامل مع الأنثى الرقيقة معاملة لم يشهدها الكون من أدنى الحيوانات مرتبة، وأتساءل كيف يشعر رجل برجولته ويستمتع بغريزته مع امرأة ترفضه وتتقزز منه وتتألم بين يديه؟ لا ليس بإنسان من يفعل هذا ولا بحيوان أنه الشيطان بعينه، تلألأت تلك المعانى فى سماء فكرى بعد أن شاهدت ألبوم الصور الذى نشره انفراد لزيارة الفتاة الإيزيدية لمبنى الجريدة حيث احتفى الجميع بها محاولين تخفيف الحمل عن كاهلها بشتى السبل من استقبال حار وتصفيق حاد وتبسم فى الوجه إلا أن كل هذا الاحتفاء وإن داوى بعض جراحها لم يستطع محو آثار الحزن والانكسار التى كست وجه الفتاة، إذ بحثت فى الصور عن ضحكة من القلب ترتسم على شفتيها ردا على تبسم محررات انفراد فلم أجد الا التبسم كالبكاء فى كل صور نادية مراد.. وبالتأكيد قل مثل ذلك فى كل فتاة أو سيدة تعرضت لمثل هذا الموقف البشع على يد وحوش لا ترحم ، والسؤال : ماذا يا ترى سيقول هؤلاء لله عندما يقفون بين يديه فرادى؟؟
وماذا سنقول نحن – الشعوب والحكومات وكل من ساهم ويساهم فى ظهور هذه التنظيمات التكفيرية من دعاة وإعلام ودول تمدها بالسلاح – لله عندما يسألنا يوم القيامة: وأنتم ما ذا فعلتم؟؟ هل يستطيع أحدكم أن يخمن ماذا سيقول كل فريق؟ عن نفسى فأعتقد سنكون من هؤلاء الذين يتمنون على الله العودة للحياة مرة اخرى لنعمل غير الذى كنا نعمل حتى يرضى الله عنا ، يومئذ سيقول الله : كلا، إقرا معى قوله تعالى : "وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ [السجدة : 12]
وفى سورة فاطر: "وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِى كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ [فاطر : 37]
وفى سورة المؤمنون: "حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ [المؤمنون : 99] لَعَلِّى أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [المؤمنون : 100]