يعُد التنافس هو الوقود الحقيقى للنجاح وتحسين الجودة الخدمية , فى العقود الماضية كان القطاع العام يشهد انتعاشًا غير عاديًا ورواجًا كبيرًا على عكس ما هو قائم اليوم فكان التنافس حقيقى لتقديم المنتج المتميز .
يظل المستفيد الوحيد من الانفتاح الاقتصادى والاستثمار هو المواطن لانه وقتها يحظى بحرية الاختيار والتعددية الاقتصادية والتنافس من أجل ارضائه .
يبقى القطاع العام اليوم مهملا ويشهد كسادًا بالنسبة للقطاع الخاص والمحلات الخاصة فتبقى القوة الشرائية تحت وطأة القطاع الخاص فقط دون توازن اقتصادى على الاطلاق .
القوة الشرائية المصرية كبيرة جدًا ولايستهان بها خصوصًا فى كل موسم ومناسبة ولذا كان من الممكن التسلل من خلالها لكثير من النقاط غير المباشرة ليس فقط الاقتصاد ولكن التسلل من داخلها لتهذيب الذوق العام واستعادة الرقى , التعديل فى السلوك المجتمعى , نشر ثقافات جديدة والتأكيد على الهوية المصرية , الحد من التهدير والوعى الشرائى .
ولكن تظل تلك النقاط لا يمكن تحقيقها أو الوصول لها من خلال القطاع الخاص المستأثر بالقوة الشرائية فكل محل خاص هو ملك لصاحبه يستأثر بما يقدمه للسوق ولا يعبأ سوى بالربح المادى الذى ربما لا يستثمره فيما بعد فى مصر , ربما لا يقدم المنتج المصرى بشكل يليق به لتربحه من المنتجات الأخرى سواء تم توريدها بشكل قانونى أو غير قانونى .
لذا يجب اتخاذ اجراءات سريعة نحو احياء محلات القطاع العام التى يمكن التحكم بها وبكل التفاصيل داخلها من تقديم للمنتج المصرى وترويجه وتشجيع المنتجات التى تعيد احياء الهوية المصرية بسعر أقل عن غيرها وكذلك المنتجات التى تعيد الذوق العام السمعى والبصرى وتشجيعها بالتحكم فى أسعارها وتقديمها بسعر مناسب يحفز ويشجع شرائها .
وفى الوقت الذى يتم فيه تقويم واصلاح حال القطاع العام سيكون لذلك تأثيره الايجابى على القطاع الخاص فعندما يجد أصحاب محلات القطاع الخاص الذوق المصرى متجهًا لسلعة بعينها سيتنافس فى تقديمها بشكل أفضل وبسعر أقل وعندما يجد أيضًا السلوك المصرى يتجه الى الشراء الاقتصادى والتوفير وعدم التهدير والشراء على قدر الحاجة سيقدم سلعًا – غذائية أو استهلاكية – تناسب هذا التوجه .
ان القوة الشرائية هى المتحكم الأساسى فى مؤشر حركة الأسواق ويتطلب التعامل معها بمنتهى الذكاء والمهنية حتى لا تذهب أموالها لمستثمر خارجى ولكن تبقى فى الدولة فتثرى الميزانية العامة وتباعًا تثرى السوق وبما يحقق الوفرة والخير والاغتناء .
طالب الكثيرون الشعب بتهذيب تلك القوة وتقليلها ولكن ان لم نستطع تهذيب ذلك السلوك الشرائى والتقليل من الحجم المهول من المشتريات المصرية فالانتفاع بمردودها فى الموازنة الداخلية للدولة هو الاجراء الأسرع والعملى حاليًا .