هل تعلم شيئاً عن الأشهر الحرم عزيزى القارئ المحترم؟ أم أن الأمر يمر عليك مرور الكرام؟ هل سألت نفسك ما قيمة تلك الأشهر فى الإسلام _ بل وفيما قبل الإسلام؟ نعم إنها أسئلة مهمة ويجب أن تجاوب عليها فهى من البديهيات فى الدين التى يجب على كل مسلم إدراكها ، ولأننى لا أضع نفسى مكان الفقهاء والعلماء الذين يبهرون المشاهدين والقراء ، ومن هم أعلم منى فى مثل هذه الأمور الفقهية والدينية عامة إلا أننى أجتهد باحثا بقلب سليم عن كل ما يفيد مجتمعى.
فأنا دائما ما أتناول فى مقالاتى أى أمر على أنه شأن إجماعى أو سلوكى، واعتبر نفسى مساهماً ولو بشكل بسيط فى عملية الإصلاح المجتمعى الذى يمر الآن بفقد للهوية بشكل أو بآخر ، فمرورنا بمرحلة الانفلات الأخلاقى الذى كان أحد روافد الانفلات الأمنى إبان الثورات المتلاحقة والتى أتى عليها الوقت لتكون (سبوبة) لمن لا عمل له ومهنة من لا مهنة له، بالإضافة لمرور الأمة العربية والإسلامية عامة بحالة فقدان اتزان بعد غمسها فى الفوضى الخلاقة (المصنعة).
ونعود إلى موضوعنا الأساسى وهو (الأشهر الحرم) فقد قال الله (سبحانه وتعالى) بسم الله الرحمن الرحيم (إن عدة الشهور عند الله إثنا عشر شهرا يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم) صدق الله العظيم فكم منا فاته الكثير لجهله بأهمية وقيمة وقدر تلك الأشهر التى حددها الله سبحانه وتعالى فى كتابه العزيز ويوضحها رسولنا الكريم فى حديثه الشريف فقد ورد عن ابن عمر رضى الله عنه وعن أبيه قوله (خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (أيها الناس إن الزمان قد استدار فهو اليوم كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض وان عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم أولهن رجب مضر بين جماد وشعبان وذو القعدة وذو الحجة والمحرم).
بالتأكيد فى هذا المقال كان لابد من النقل فيما يخص الآية الكريمة أو فيما يخص حديث رسولنا الكريم فهذه الأمور قطعية الحجة والدلالة لا اجتهاد فيها ولا مواربة فقد نص الله على تلك الشهور فيما قام الرسول الكريم بتسميتها بلا زيادة ولا نقص ، لكن المهم الآن فى وقتنا الحاضر كيف نبصر الناس بتلك الشهور، وكيف لنا ونحن فى عصر العلم كما ندعى لا نعرف معنى ولا قدر الأشهر الحرم ، وسيصاب كل منا بصدمة عندما يعلم أن تلك الشهور كانت تحترم فيما قبل الإسلام فكان الرجل فى الجاهلية لا يأخذ بثأر أبيه فى تلك الشهور احتراما وتقديساً لها فى الوقت الذى ابتعدنا نحن عن منهاج ربنا وتوجيهات رسوله الكريم (صلى الله عليه وسلم).
فكيف بنا وقد بلغنا من العلم ما بلغنا أن نجهل قيمة وقدر تلك الأشهر التى حرمها الله عز وجل وسبقنا فى احترامها أهل الجاهلية الذين يعبدون الأصنام وآله متعددة بحسب جهلهم فيوقفوا الحروب بجميع أشكالها ويأمن الناس على أنفسهم وأموالهم فى عصر وصف بالجهل أما نحن فديننا واحد ونعبد إله واحد ورسولنا واحد ورغم توجيه ربنا ورسوله الكريم لاحترام تلك الشهور إلا أننا يقتل بعضنا بعضاً باسم الدين تارة وللمنافسة على الملك والسلطان تارة أخرى ويظلم بعضنا بعضا بلا وازع .
فوصية ربنا لنا فى الآية الكريمة بألا نظلم أنفسنا فى تلك الشهور لها دلالتها على حرمة تلك الشهور عند رب الأرباب التى جعلها محرمة كحرمة دم المسلم بل وحرمة بيته الحرم ، فقد قال معظم علماء الأمة بمضاعفة الحساب على الذنوب والآثام فى الأشهر الحرم كما فعل ذلك فى اقتراف الذنب فى بيته المحرم ، فظلمك للناس وغيبتهم وأكل حقوقهم وكل شىء يحسب على أنه سيئة تدينك عند ربك هو ظلم لنفسك لأنك لم تقدر توجيه ربك ووصيته لك فقد قال سبحانه وتعالى ( فلا تظلموا فيهن أنفسكم ) فكان لزاما علينا أن نجعل تلك الشهور عبارة عن هدنة بيننا وبين أنفسنا بألا نصنع أى أمر فيه معصية لله سبحانه وتعالى مصداقا لقول ربنا عز وجل ( ومن يعظم شعائر الله فإن ذلك من تقوى القلوب ) جعلنى الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه اللهم آمين ( دمتم بخير )