يُحكى أنَّ ملكاً أصيب بمرض شديد ، وعجز الأطباء عن علاجه ، فأرسل إلى أكبر حكماء عصره ليسأله عن دواء له، ولما فحصه الحكيم قال له: ما تحتاجه أيها الملك هو أن تلبس قميص أحد السعداء، وستعود صحيحاً من جديد. أرسل الملك فى البلاد ليحضروا له قميص أحد السعداء، وبحث الفرسان عن السعداء فى المملكة فوجدوا رجلاً سعيداً ولكنَّ به فقراً ملحوظاً، ووجدوا آخر سعيداً ولكنه فَقَدَ أحد أبنائه، كما وجدوا سعيداً آخر لكنه غير راض عن عمله، وفى أبعد بقعة من مملكته ؛ وجد أحد فرسانه رجلاً يعمل فى حقله وقد غمرته سعادة كبيرة بعمله وحياته وصحته، فطلب الفارس قميصه للملك، فأعطاه القميص هدية للملك، الذى ما لبث أن ارتداه فأصبح سعيداً معافى .
ولما فكر الملك قليلاً فيما حدث مع فرسانه وسعداء مملكته، وجد أنه جدير بالسعادة الكاملة؛ فلديه مال كثير، وأبناؤه أحياء يترفون فى النعيم ، وهو على رأس المملكة والكل يدين له ، فلماذا لا يكون سعيداً ؟ وهل كان حقاً فى حاجة لقميص السعداء؟
لقد أراد الحكيم أن يُوجد فى نفس الملك الصورة أو الشكل الذى يريده أن يصبح عليه ؛ فألبسه قميص السعداء، وبعدها راح الملك يفكر فى معانى السعادة كما يعيشها السعداء، إنه انتقال تدريجى من المظهر إلى الجوهر، من الصورة الخارجية إلى القناعة الداخلية. والسعادة أمر ممكن، وهى موجودة فى داخلنا، وفى حياتنا، وفى كل ما حولنا، إنها نزعة فطرية نولد بها وتعيش معنا سنوات الطفولة الأولى ، ولكن دراما الواقع تُقزم وجودها يوماً بعد يوم . علينا أن نعيش حياة السعداء ، ونتخلص من عقد الإحساس بالنقص والشقاء والفقر الذى يصل إلى حد البؤس الذى يفرضه بعضنا على نفسه .
هل تستطيع أن تجمع مسببات الضيق والشقاء التى تسيطر عليك ، اكتبها فى ورقة ، ثم قم بإحراقها محتفلاً بذلك ، وسوف تشعر بعدها بالسعادة تغمرك . ثم تصور نفسك ترتدى قميص السعداء وتعيش حياة غنية بالجمال والسلام والانسجام، ارسم هذه الصورة لنفسك، وخذ وقتك الكامل فى ذلك، واستشعر السعادة تسرى فى وجدانك ثم تفيض على من حولك، حتى ترى أنك المسؤول عن السعادة التى تنتشر فى بيتك وعملك ووطنك.. بل والعالم من حولك.
لا تقلل من شأنك ومن قدراتك فى إسعاد الآخرين، ثق أنك تمتلك الطاقة لذلك، إنها طاقة خلاقة تستقر فى أعماق نفسك. ورغم أنها أفكار وتخيلات؛ إلا أن إحساسك بها وإيمانك بوجودها، ويقينك بمسؤوليتك عنها يوردك ينبوع الهناء، ويقودك إلى قيمتك الحقيقية وسعادتك التى لا تحدوها حدود.