بينما تفترش السماء بالسحب المتفرقة فلا تلبث أن تتسلل على أطرافها بسكون مطبق لايشعر به أحد فتأتى كل سحابة تلو الأخرى حتى تتراكم أمام الشمس فننظر إلى السماء التى تلبّدت بالغيوم فلا نكاد نلمح إلا شعاعا رقيقا من ضوء الشمس..وفى أوقات كثيرة تكاد سُحب الأوجاع والآلام والحنين والفقد تتسلل هى الأخرى إلينا. لقد أناخت برحالها على بوابة الروح.وفى تلك اللحظة يتتابع فيض العبرات من أعيننا وتخرج شهقة الألم المكتومة وتشعر كأنّ الوجود أغلق بابه وكأنّ النفس عافت عن الحياة فانزوت عنها رغم بقاءنا فيها وتبقى الأحاسيس المؤلمة تلكزنا بين الحين والآخر والوجود لايزال بابه مغلقا فلا نمتلك مفتاحه وما أثمنه من مِفتاح فقليل من هم يمتلكونه وإن تظاهروا بوجوده..إنه الحب.
تلك الحاء التى لم أجد لها وصفًا سوى فى كلمة احتواء..ولكنه احتواء للروح والنفس لذلك العالم الجوّانى وليس احتواء البطون والأجساد.فإن وجدت الروح تلك الحاء أقصد ذلك المِفتاح فإذا بالوجود تنفتح أبوابه على مصراعيها كأننا نراه لأول مرة فنستروح أنفاسه العطرة وتنزوى عنّا أوجاعنا التى أرهقتنا حينها نرى أرواحنا كالشجر الذى تفتّحت أكمامه وينتشى الهدوء فى سويداء النفس، هنالك تُمطرنا السحب فى ذلك الوجود الجديد لتروى لنا ذلك الجدب الإنسانى الذى كان يئنّ بداخلنا.. لقد كاد ينضب.