ما أشد حرارة الصيف, تلفح الوجوه , زادتها الرطوبة لهيباً يأخذ بخناق الناس .لم يكن موسماً عادياً , فمثله يستمر شهور قليلة, لا تتعدى أصابع الأيدي الواحدة , لكنه هذه المرّة تجاوز كل منطق , فترة قاربت العامين , أرهقت الجسد , أدمت العقل , باستثناء شذرات هائمة تحلّ كل مدة على استحياء , لتنبئ المكلوم أن الحياة لا تزال مشتعلة تنتظر .
فجأة هلّت نسمة من العدم , ظهرت بعد أن اختفت سنوات طويلة , حتى قيل أنها هاجرت مع الفارين من يوم الزحف .
هبّت ناثرة بالجو روائح من ماضي جميل , بعثت في المكان خدراً لذيذاً , سألتها بعد أن أفقت من ذهولي : أين كنت ؟
بهمس الريح المعهود , و وشوشة نسيم الفجر قالت: موجودة , أتحسبني غادرت ؟
من يومها و الصيف يقترب كل عام خجلاً يلمّلم أطرافه , يلوّح بيديه مدّعياً عدم اهتمام .