تجتاح حياتنا منذ عقود نجاحات تهز كيان المجتمع على المستوى الفردى والمؤسسى، وتقام الأفراح وتعقد جلسات للتحليل والتمجيد والأحاديث الكثيرة عن ذلك الأنجاز، خاصة أن تلك النجاحات دائمًا ما تصل إلى مستوى الإعجازات ونحاول دائمًا تحديد الأب الشرعى لهذا النجاح من كثرة ادعاء الكثيرين أنهم أصحاب الفضل الوحيد فى هذا ثم ما نلبث أن ينفض المولد وموائد الأفراح كأنه سوق انتصب ثم انفض فجأة دون استفادة أو تحليل علمى للبناء عليه والاستفادة منه وتسويقه بالشكل الجيد الذى يحدث فى معظم بلدان العالم .
وعند الفشل الذى اعتدنا عليه تقام أيضًا سرادقات الصياح والمواساة دون أيضًا محاسبة أو دراسة لأسباب هذا الفشل للاستفادة منها فى عدم تكراره وألا نعود إلى نفس المكان، إلا أننا نصر دائمًا أن يمر هذا الحدث حتى تتلاشى أثاره مع الزمن مستفيدين من طبيعة الإنسان ألا وهى النسيان ثم سرعان ما نصاب بصدمة فشل أخرى، وكأن هذا الفشل لم يمر علينا منذ فترة وجيزة وندخل فى نفس الدائرة حتى ترسب فى الأذهان ثقافة أو فكرا ترسخ لدينا بقبوله والرضى به وكأنه خاص بنا اعتدنا عليه واعتاد علينا.
عكس النجاحات التى تحدث فى فترات متباعدة تحدث بدواخلنا هزة عميقة وكان القدر يريد أن يقول لنا إننا نستطيع إن أردنا.
والشىء الملفت للنظر أننا نملك من العقول والكفاءات والكوادر البشرية التى لا يملك غيرنا مثلها ما يجعلنا ان نملك العكس دائمًا.
فيكون النجاح والتميز والإبداع سمة من سمات مجتمعاتنا خاصة أن لدينا تاريخًا ما زال محيرًا للعلماء وللعقول الواعية العالمة رغم مرور آلاف السنوات .
هذا الوضع بالفعل محيرًا ويسبب حالة إعياء وحيرة وغصة فى القلب لأبناء الوطن المخلصين الذين يتمنون له الرفعة والرقى والازدهار.
والدليل على ذلك وعلى سبيل المثال وليس الحصر أن أبناءنا إذا عاشوا فى بلاد أوروبية التزموا بعاداتهم ومناهج حياتهم وأسلوب معيشتهم بل قد يزيدون عليها التزاما وحكمة.
وعندما يعود نفس هؤلاء الأبناء تجدهم وقد خلعوا قميص تلك البلاد بما يحمله من سمات ومعالم تزين بها معالمها ومؤسساتها وحتى شوارعها وارتدى ثوب المواطنة المترسخ فى عقله، ويعود إلى ثقافة لا ينبغى أن نسمح لها بالاستمرار أكثر من ذلك.
والبشر دائمًا يخطئون ويصيبون أى أن الفشل وارد ويحدث فى كل المجتمعات المتقدمة وغيرها، ولكن الفرق أن هذه المجتمعات تستفيد من ذلك الفشل وكأنه منحة أتتهم ليبنوا من فوق أنقاضها أبراجا من الخيال العلمى والرياضى وغيره من كل مناحى الحياة وتصبح لهم هدفاً يسعون الى تحقيقه دون كلل أو ملل.
الحياة تتسع للجميع ولكن القلائل هم من يضيفون إليها ويؤثرون فيها ببصمتهم وعلمهم وسلوكهم.
ولن يموت بداخلنا الأمل أن نرى مصر كما نحلم لها أن تكون فواقعات اليوم جميعها كانت بالأمس أحلام.