إن كنت تبحث مثلى عن راحة البال فبادر بقول ( لعله خير) وذلك فى أى موقف تراه من وجهة نظرك ليس فى مصلحتك ، وإن كنت متيقناً من عدل ربك وحكمته فسارع بقول ( لعله خير) ، وإن كنت تثق فى أن ربك لن يخذل عبده وهو أرحم به من عباده وهو من يدبر له أمره فردد ( لعله خير) فستجد راحة نفسية تنسيك همومك ومصاعب حياتك، لأنها وببساطة شديدة سوف تعيدك لليقين بأن هناك مدبراً للكون وقد جعل سبحانه كل شىء عنده بقدر، فهو سبحانه أدرى بك منك .
كانت تلك مقدمة كلامى لذلك الشخص الذى استوقفنى وأنا أسير على إحدى الطرق السريعة بعدما رأيت فى عينيه حزن دفين ، فقد شغلنى ذلك الصمت الذي يطبق على قلب ولسان الرجل عندما حاولت أن استفهم منه عن سبب شروده فبادرنى بكلمات هى أثقل من جبال رواسي بقوله ( حسبي الله ونعم الوكيل) قلت له ونعم بالله ، ولكن ما كل هذا الحزن الذى جعلك تكبر فى العمر عشرات السنين، ولماذا هذا الهم الذي يجلب لك الأمراض، فالدنيا كلها يا أخى لا تستحق كل هذا الحزن والغم.
فاختصر الرجل مشكلته بأنه ظُلم وتم نقله إلى هذا المكان البعيد عن أهله وبيته وهذا الأمر أضر به كثيراً فهدأت من روعه وعاجلته بسؤال فقلت له ( هل تعلم ماذا كان ينتظرك لو مكثت في مكانك الأول ساعة واحدة ؟ ) لأنك لو كنت تعلم أن الله قد نجاك من مصيبة أكبر لما وفيت الله شكره ، لأنه مَن عليك بأن أخرجك من ذاك المكان معافاً في بدنك وولدك وسمعتك ، وأكملت حديثي له بقولي ( تحضرني ألآن قصة سمعتها في صغري وجعلتها منهاج حياة بالنسبة لي فهل تشاركني فيها ) فقال نعم .
قلت له يحكى أنه كان هناك ملكاً حصيفاً يساعدهُ وزيراً حكيماً لإدارة شؤون ملكه وكان دائماً ما يردد ذلك الوزير كلمات مشهورة له مثل ( لعله خير) في كل جلساته وكلامه مع الملك وفي أي استشارة من جانب الملك للوزير ، ولكن في يوم من الأيام سقط الملك من فوق حصانه وأصيب بإصابة أودت بأحد أصابع يده فقطع وفي أثناء ذلك حضر الوزير في هذا الموقف العصيب فقال للملك ( لعله خير) فاستشاط الملك غضباً وقال للوزير وأي خير في إصابتي وقطع إصبعي وأمر به إلى للسجن .
شُفى الملك ونسي أمر الوزير الذي ظل قابعاً في سجنه ، وذهب الملك إلى رحلة صيد كما اعتاد ولكنه في هذه المرة ضل عن رفقته فسلك طريقاً آخرفي البيداء ، وإذا به يجد نفسه في وسط قوم يعبدون أصناماً فأمسكوا به وقرروا أن يقدموه مذبوحاً قرباناً لألهتهم ، وعندما بدأوا فى طرحه أرضا لذبحه صاح أحدهم بأن هذا الشخص لا يصلح قربانا لألهتنا لأنه غير مكتمل الأعضاء فقد شاهد إصبعه المقطوع فخلوا عنه ليلحق برفقته مرة أخرى وهو غير مصدق ما حدث له .
عاد الملك إلى مملكته وذكره هذا الموقف بالوزير فذهب إليه في محبسه لكي يخلي عنه فوجد الوزير يكرر قولته الشهيرة ( لعله خير)، فقال له الملك ( لقد مَن الله علي بقطع إصبعي لينجيني من القتل فماذا عاد عليك من سجنك ؟ قال الوزير ( يا مولاي أصابني خير كثير فلو كنت معك فى سفرتك هذه لقتلونى وخلوا عنك لما أصاب إصبعك، فقد مَن الله علي مثلك بالحياة وما أمر السجن إلا وقاية من هذه الميتة المؤلمة فيا مولاى لابد أن تبحث أثناء حلكة الظلمة عن بصيص الأمل وأن تسأل نفسك وبسرعة عن البديل الصعب لما أنا فيه ساعتها سيعود الاستقرار لنفسك ) .
قد أكون أطلت عليك عزيزي القارئ المحترم ، ولكن أردت أن تشاركني خبراتى التى أفادتنى فى حياتي بشكل عام ولا تنسى حديث رسولنا الكريم ( صلى الله عليه وسلم ) حيث يقول ( عجبت لأمر المؤمن فكل أمره خير فإن أصابته سراء شكر فكان له خير وإن أصابته ضراء صبر فكان له خير) أو كما قال صلى الله عليه وسلم ، فثق دائماً في ربك وردد في قلبك وبلسانك دعاء هام وقل ( اللهم دبر لنا فإننا لا نحسن التدبير) فإنك لا تدري ماذا أعد الله ( سبحانه ) لك فهو أقرب إليك من حبل الوريد ، ودائماً وأبداً أحسن الظن بالله ، وقابل كل أمورك بقولك ( لعله خير ) لأن الله عز وجل لن يصنع لك إلا الخير ( دمتم بخير ) .