بآواخر أيامه أبى المريض المسن، كلما مررت بغرفته، يبدأ تنهيداته
العازلة بين أحداث الحياة السابقة للأن، والان، كذلك يحدث السكون
المخيم، والفاصل للوقت بين السابق واللحظة، الأنين المستنجد
الذابح له ولى، يسكب جارحا -ينادينى حبا لى ورغما عنه-
هو الان لا يتحمله وحده- انينه يسكب مجسدا مرئيا
من قلبه وجسده وروحه كلها، وكيانه كله، هذا الانين الذى
يقطر احيانا ويفيض احيانا، وكانه يحدث، بل فعلا نرتدى
لملابس الحزن والألم، وقلوبنا لا بها الا الحزن والالم، يحدث
هذا الانين الذى يعزل السماء، ويغطى الارض، والذى يمنع عنا الهواء،
ويظلم الغرفه، ويغلقها دوننا، اشعر كانما لاغرفه اخري
بالمنزل، ولاجيران، ولا حياه بالغرفه، ولا حياه بغرف المنزل
الاخرى، واشعر الاحياه حتى بمنازل الجيران، بل لاوجود للدنيا
اصلا، الا لسوانا واحزاننا والامنا، او الا احزننا والامنا فقط دوننا
ودون الدنيا،، احزننا والامنا التى لا تحكي، ولاتستمع، ولاترى ولاتحس
من اخرين، بالغرفة تنتابنى الرغبة للتوقف وللاستسلام وللانتظار، وتاخذنى
الرغبه للتفاعل معه، وللتجاوب، وللتوحد معه حبا وإخلاصا
وعرفانا، واتوجه اليه، وأيضا أتساق إليه، تلبية لندائه المستمر
العاجز المكتوم الصارخ، أود لو أرى وترى الدنيا احزننا والامنا مكتوبه
ومجسده، ومحسوسه، واشعر وكان اكفاننا تاتى،
ونرتديها، ونتوجه بها، ولا يصاحبنا احياء مودعين