تتبنى الدولة خطة طموحة لتغيير نظام التعليم فى مصر تهدف منها إخراج أجيال جديدة متعلمة تعليما جيدا.. وتحمل داخل رؤوسها عقول ناضجة واعية وهو ما كان ينادى به كل فرد من أبناء هذا الوطن فى السابق دون أن يلتفت أحد إلى ذلك النداء .
منذ سنين طويلة ونحن لا نشعر بوجود وزير تعليم فى مصر يقوم بدور حقيقى فى تطوير العملية التعليمية بشكل حقيقى حتى جاء الدكتور طارق شوقى وزير التعليم الحالى... فبلا أى مبالغة أشعر أن هذا الرجل يعمل من أجل إصلاح منظومة التعليم فى مصر، وأنه يحمل فوق كتفه موروث قديم متراكم من سنين طويلة ويحاول القائة فى أقرب مقلب للقمامة ليخلص الدولة المصرية من فضلات عهود سابقة تراكمت حتى تحجرت ولا نستطيع إبعادها عن طريق إصلاح الدولة.. لكنى أعيب عليه فى بعض الأمور وهى .
عدم القدرة على توضيح الرؤية والفكر الجديد الذى ينتهجة فى إصلاح منظومة التعليم الى المواطن الذى يخشى على مستقبل ابناءة من النظام الجديد للتعليم .
خروج تصريحات تحمل عناوين عريضة وترك المواطن العادى لتفسيرها وحدة أو خضوعة لفكر مقدم برامج فى الفضائيات سواء كان مؤيد لنظام التعليم الجديد أو معارض له وهو ما أدى إلى وجود أكثر من رأى وتحليل للمنظومة الجديدة وهو ما ترتب علية تضارب المفاهيم لدى المواطنين، وبالتالى أصبح ولى الأمر لا يعلم ماذا سيدرس أبناؤه بعد أيام قليلة فى المدرسة مع بدء العام الدراسى الجديد .
خروج التصريحات أو العناوين على هيئة منشورات على ( فيس بوك - تويتر ) وليس عن طريق بيانات صحفية رسمية .
وكما قلت هناك نظام جديد للتعليم يوضع وينفذ فى مصر يهدف الى تغيير حقيقى فى العملية التعليمية يكون نتيجتة اجيال واعية ومتعلمة تعليم حقيقى .. ولكن نجاح هذة المنظومة الجديدة لا يقوم بتعليم الاجيال الجديدة فقط ولكنه ايضاً يجب ان يشمل ذلك النظام دراسة لتغيير مفاهيم وثقافة اولياء الامور .. فالطفل الذى يتلقى تعليم جيد فى المدرسة مساوى للتعليم فى الدولة المتقدمة لن يتغير حالة الا بتغير مفهوم الاب والام فى المنزل . فمثلاً .. من غير المعقول ان يتعلم الطفل فى المدارس اليابانية الجديدة النظام والنظافة فى المدرسة ويذهب الى بيتة ليجد امه تلقى بكيس القمامة من ( البلكونة ) ليقع فى منتصف الشارع ... وايضاً لا يمكن ان نعلم الطفل الصدق والامانة فى المقررات الدراسية ويجد اباه يطلب منه ان يرد على الهاتف ويبلغ الطرف الاخر ان والدة غير موجود فى المنزل ... وغير ذلك كثير من السلبيات التى يتربى عليها الابناء فى المنازل ويلقنها لهم الاباء والامهات .
لذلك يجب على الدولة القيام بعمل حملات توعية ضخمة للمواطن لتغيير الثقافة الحياتية لدى الافراد العاديين .. نعم يجب تغيير ثقافة الحياة لدى الفرد العادى حيث ان السلبيات التى اصبحنا نتمتع بها ونسبح فيها صباحاً ومساء جعلت الكثير منا افراد جهلاء بمفهوم الحياة الطبيعية ... فاصبحنا نسير بسيارتنا بعشوائية فى كل الاتجاهات فى كل الطرقات ... واصبح مفهوم اكتساب ما لا نملكة ( حق ) مثل سرقة التيار الكهربائى فى المنازل لتشغيل مكيفات الهواء .. وفى المقاهى المنتشرة فى كل مصر والتى تقوم بسحب كم هائل يومياً من الطاقة الكهربائية من اعمدة انارة الشوارع . والكثير من طرق سلب ما لا نملكة للمنفعة الشخصية دون النظر للمنفعة العامة.
وأصبح إلقاء القمامة فى منتصف الطرقات أمر عادى وطبيعى .. وأيضاً تعدى المحال التجارية واصحاب العمارات على الأرصفة وأجزاء من الشارع لخدمة مصلحتهم الشخصية أصبح أمرا طبيعيا.... وغير ذلك من السلبيات الكثير ولا يخفى على أحد .
فإذا كانت الدولة تبحث عن تطبيق نظام تعليم جديد يخرج أجيال متعلمة تعليم حقيقى يجب عليها محاربة فساد عقول يعيش معها تلك الأجيال الجديدة فى المنازل وإلا فلا داعى من تطبيق أى نظام جديد يصرف علية مليارات الجنيهات لاننا فى النهاية سيخرج لنا اجيال كسابقيها تحمل شهادات ولا تحمل علم وسنظل كما نحن لن نتقدم أبداً .
فالدولة تعمل ليل ونهار لبناء مشروعات عملاقة تساعد على بناء دولة حقيقية تقف على أرجل ثابتة، لكننا يغيب عنا أهم ما فى عمليه الإصلاح وهو اصلاح المواطن الذى سيكمل هذه المشروعات ويستفاد منها ويحافظ عليها لأنه فى حالة عدم إصلاح ذلك المواطن فلن تجد تلك المشروعات مواطن واعى يعرف أهميتها ويتعامل معها وستنهار تدريجياً لعدم وجود من يطورها ويستفيد منها.
فما قيمة تصنيع ماكينة حفر عملاقة لحفر ابار البترول بدون وجود من يقوم بالعمل عليها ... هل سيخرج البترول من تحت الارض وحدة لمجرد وجود تلك الالة ؟؟؟ بكل تأكيد لا.
وهو ما يقصد به تبنى الدولة عملية إصلاح المواطن وتغذيتة بثقافة الحياة .. وهنا على الدولة وضع خطة طويلة الامد للقيام بذلك لان تعليم الكبار اصعب من تعليم الصغار ولكنة اهم . حيث ان نشأة الصغار فى بيوت بها قدر معقول من الوعى والنظام يساعد الدولة على تشكيل عقول الاجيال الجديدة بنظام تعلم جيد وضع بعناية ... وستكون النتيجة خروج عباقرة صغار.
ففى الماضى كان الطبيب والمهندس والمحامى والضابط يخرج من بيت فيه اب وام غير متعلمين ولكنه كان بيت به اناس عباقرة فى ثقافة الحياة والتربية.
ولتقوم الدولة بهذا الدور يجب عليها إشراك كل طوائف المجتمع فالأمر يحتاج مساعدة كل من يملك علم فى مجالة مثل أساتذة الجامعات . فأستاذ الجامعة له تأثير كبير على الطالب فى المدرج الجامعى فهو المصدر الوحيد لتغيير فهم وفكر طالب الجامعة .. وايضاً يجب اشراك علماء الدين واستخدام دور العبادة فى نشر ذلك الوعى فشيخ الجامع وراعى الكنيسة لهم دور كبير جداً فى اقناع ( أى شخص بأى شىء) وذلك لوجود رابطة حقيقية بين المواطن ودور العبادة سواء كان مسلم او مسيحى ... ويجب ايضاً استخدام الوسائل الاعلامية المرئية استخدام حقيقى فى نشر الوعى عن طريق فقرات اعلانية صغيرة وبسيطة فى الشكل والاسلوب تبث بشكل مستمر بين البرامج والفقرات التى تقدمها القنوات الفضائية تحث المواطن على عمل كل ما هو صحيح .. وايضاً استخدام كل الوسائل الاعلامية سواء كانت مسموعة او مقروءة . فمنا من هو مرتبط بقرأه الصحف اليومية ومنا من هو مغرم بسماع ( الراديو ) وتلك الوسائل لها دور كبير جداً فى ايصال المعلومة للاشخاص فلما لا تستخدم فى تطوير نظام الحياة للفرد العادى سواء كان متعلم او غير متعلم .
هناك الكثير والكثير من الوسائل التى يمكن بها الوصول الى المواطن سواء كان جالس فى بيتة او وهو يسير فى الشارع او وهو يتعبد فى دور العبادة . والعمل على تغيير فهمة للحياة وتصحيح ما هو فاسد او خاطئ داخل رأسة وفكرة .
فبدون اصلاح الكبار لن ينصلح الصغار .. وبدون اصلاح الكبار والصغار فلا داعى من اى اصلاح اقتصادى وبناء مشروعات وانشاء طرقات جديدة .. فعلى الدولة تبنى فكرة تطوير ثقافة الحياة لدى المواطن فبدون وجود مواطن يتمتع بقدر كافى من الوعى فلن تتواجد الدول .
فالدول التى تخلف فيها الفرد وفقد ثقافة الحياة اصبحت شعوبها قبائل تتقاتل للسيطرة على صحراء وجبال ومدن تهدمت ولم يعد فيها حياة وعاد فيها الانسان الى الخلف لقرون واصبحت الفوضى هى القانون والدستور الذى يعيش به ويحكم حياتة ..
ولذلك على الدولة السعى لاطلاق منظومة تعليم الكبار فن وثقافة الحياة تحت مسمى ( منظومة بناء المجتمع ) حتى تنجح فى تطبيق منظومة التعليم الجديدة للاجيال الجديدة.
اللهم احفظ مصر واهلها من كل سوء ويسر لنا الخير وارضنا به ... اللهم امين