يتعثر الكثير من الباحثين فى بداية كتابة بحوثهم، ويظهر ذلك حينما يودون البدء فى العمل العلمى المُقدمون عليه، فيكتشفون أنهم أمام بطاقات تحتاج إلى إدخالها فى شكل فقرات يصاغ بها الحدث التاريخى والذى يتبعه التعليق عليه فى ضوء الأدلة والبراهين بفهم وتعقل للاستنتاج والتحليل، وأمام ذلك يقف البعض منهم مكتوفى الأيدى، ويسأل نفسه: كيف اكتب هذه الفقرات التى جمعتها وكيف أصيغها صياغة مٌحكمة وطيبة تقع عليها أعين القراء بالاستحسان.
ينبغى الإشارة إلى أن المؤرخين والباحثين فى استفتاحاتهم للفقرات التاريخية يستخدمون ألفاظ (كان، كانت)، وهم يبدأون بها غالبًا فى مقدمة كتابتهم التاريخية، لا يعنى ذلك افتقار إلى الألفاظ التى تعين على توضيح حدث تاريخى تم بالفعل، وإنما وفق الحاجة وحسب المتوفر من مادة.
يحتاج الباحث حينما يبدأ كتابة فقرات بحثه أن ينتبه إلى الإلمام بكلمات وألفاظ تعينه على ترسيخ فكرته التى يهدف إلى توضيحها فى ضوء صياغة الحدث التاريخى، وتتجلى أهمية ذلك فى الخروج بعبارات جديدة يتم افتتاحها بألفاظ جديدة أيضًا، مثل ( يتضح أن، يتبين أن، نستشرف، يتأكد، يتجلى، بينما، هنالك،..الخ ) دونما إضافة ( لنا) بقدر المُستطاع؛ حتى تظل الفقرة فى العموم مُصاغة دونما اعتبار لضمير كاتبها أو صاحبها، فلا يحدث خلط والتباس على القارئ وهذا بشكل خاص فى بحوث رسائل الماجستير والدكتوراه.
كذلك يرفض كثير من المشرفين على الرسائل العلمية افتتاح الباحثين لفقراتهم بـ (لقد)، و(يبدو)، و(ربما)، و(يحتمل)، وغيرها من إشارات المشرفين والأساتذة الكبار. ولكن قد يختلف ذلك من استاذ لآخر، فى استخدام هذه الألفاظ، وربما يرفضها البعض لعدم تخير الباحث لها فى موضعها المناسب والذى يحتاج إلى إضافة مناسبة.
كما يرفضون حرف العطف فى بداية الفقرة، ويفضلون أن تكون بداية الفقرة بالفعل مُباشرة، وفائدة ذلك هو جعل الفقرة التاريخية فى حالة شبه مُستقلة عما قبلها إذا ما أراد [ المشرف ] حذفها فلا تؤثر تأثيرًا كبيرًا على الفقرات السابقة أو التالية أيضًا، ولعل هذا الحل هو المخرج الأصلح لبداية فقرات الحدث التاريخى.
الحل أيضًا أن تضع دائمًا أمامك قيمة وأهمية تصفح البحوث والكتب المتميزة فى الصياغة، ومحاولة الاسترشاد فى ضوئها حين الكتابة، واقتبس جمُلا ربما لا تعلمها إلا حين القراءة فى هذا البحث أو ذاك الكتاب، الأجمل فى ذلك أن تستفيد من قدرات غيرك لتعزيز قدراتك فى الكتابة التاريخية والبحثية دونما خجل أو تباطؤ، اختار الألفاظ المناسبة، واعلم أنه كلما أدركت هذا مبكرًا كلما تيسرت عليك الكتابة فى بحثك.
• باحث ماجستير- كلية الآداب– جامعة القاهرة