التحرش الجنسى موجود فى كل المجتمعات وعلى نسب متفاوتة إلا أنه ليس هناك مجتمع محصن من سوء المعاملة هذه وصحيح أن الوازع الدينى له تأثير كبير فى منع سوء المعاملة هذه إلا أن هذا الوازع الدينى عند الناس شديد التفاوت من شخص لآخر .
الكثير من المتحرشين فى المجتمعات العربية ينظرون إلى التحرش الجنسى على أنه وسيلة ترفيهية للتخفيف على النفس من العناء أو من أجل فرحتهم بالأعياد إلا أنهم لا يدركون الآثار السلبية التى يتركها التحرش الجنسى على ضحية تحرشهم من آثار سلبية نفسيًا وربما جسديًا مع العلم أنه يوجد الكثير من المتحرشين الذين لا يدركون أنهم متحرشون كما أن هناك أطفالا مراهقين متحرشين ينظرون إلى التحرش على أنه نوع من أنواع الرجولة..
غياب دور الأسرة يعد السبب الرئيسى فى الانفلات الأخلاقى كما أن تردى الوضع الأخلاقى فى المجتمع تتحمل جزءا كبيرا من مسؤوليته مواقع التواصل الإلكترونية والتى أخرجت أسوأ ما فى الشعب حيث انعدام الضوابط والقيود وسهولة اقتحام الخصوصية والتجاوز اللفظى والوصول للمواقع الإباحية والأرقام التى تثير الفزع جاءت تحذر أن من بين مائة امرأة يوجد 68 تعرضن فعلا للتحرش الجنسى داخل محيط العمل سواء كان هذا التحرش لفظيا أو بدنيا وهو ما دفع المئات من النساء المصريات إلى المطالبة بتشريع قانونى يجرم التحرش الجنسى ووقعن على وثيقة تطالب بذلك وقد تبنى المركز المصرى لحقوق المرأة هذه المطالبة ضمن حملته "شارع آمن للجميع".
التحرش الجنسى فى مصر يشكل اليوم ظاهرة تحاصر المرأة من جميع الجهات ولايمكن السكوت عنها .. وهذا الفعل السيء مرتبط بطبيعة حدود العلاقة بين الرجل والمرأة أى بين الأقوى والأضعف.. الطالب يتحرش بزميلته والموظف بشريكته فى العمل والمدير يضغط على موظفاته بالإستجابة لنزواته ..وحتى العامل يلاحق بنظراته النساء دون خجل ولم تنجوا من التحرش لا النساء المحتشمات والمحجبات ولا حتى كبيرات السن مما أصبحت ظاهرة التحرش عقبة أساسية أمام سلامة النساء ومشاركتهم فى الحياة العامة.
قد يحدث التحرش فى أى مكان مثل العمل والمدرسة والجامعة والمتاجر وفى الساحات العامة وأماكن التجمعات مثل الاحتفالات وفى مواصلات النقل العامة والخاصة .
ووفقا لهيئة حقوق الإنسان الأسترالية فإن صور التحرش الجنسى تشمل:
التحديق.التعامل الودى غير المنطقى أو المرغو، مثل تعمد الاحتكاك بالشخص أو احتضانه.استعمال تعليقات ذات إيحاءات جنسية.سرد النكات الجنسية أو ذات الإيحاءات الجنسية.استعمال شتائم أو ألفاظ جنسية أو موحية.سؤال الضحية أسئلة خاصة مثل سؤالها عن ارتباطاتها أو سلوكها الجنسي.عرض مواد جنسية أمام الضحية مثل أن يقوم موظف فى مكان العمل بوضع ملصقات إباحية على مكتبه بحيث تكون مرئية من قبل الضحية المتحرش بها أو وضع حافظة شاشة تتضمن مشاهد جنسية أو موحية.طلب ممارسة الجنس بشكل صريح أو غير مباشر.ممارسة الاعتداء الجسدى المباشر، مثل لمس المتحرش بها أو محاولة تقبيلها أو كشف ما تستره من جسمها. وهنا ينتقل التحرش ليصل إلى مرحلة الاعتداء الجنسي.
تقول منظمة الصحة العالمية إن التحرش الجنسى الذى تؤكد أنه ليس سلوكا منفصلا بل يقع ضمن عائلة العنف الجنسى هو مشكلة كبيرة ، وإنه موجود فى الأماكن التى يعتقد أنها آمنة مثل المدارس إذ يتم التعرض لضحايا التحرش من قبل أقرانهم فى المدرسة أو أساتذتهم .
درس علماء من الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا الآثار النفسية للتحرش الجنسى والاغتصاب وأجرى المختصون دراسة تأثير التحرش الجنسى على الضحايا من خلال استطلاع شمل 3000 طالب وطالبة فى المدارس الثانوية سبق أن تعرضوا للتحرش وأظهرت الدراسة أن ممثلى الجنسين يعانون من الانزعاج النفسى الشديد وفى الوقت نفسه يكافح الرجال بأسلوب ذاتى ومستقل مع شعورهم بالقلق والاكتئاب فى حين أن النساء يعانين من الهوس بما حدث لهن ويفضلن عدم الحديث عما جرى.
ووفقا لدراسة نرويجية نشرت على موقع "EurekAlert" فإن الضرر الذى قد يلحق بالجانب النفسى للسيدات اللآتى تعرضن للتحرش يمكن أن يكون بسبب تعليق عابر على المظهر الخارجى مع تلميح جنسى أو حتى غزل ناعم أو لمسة كما كشفت الدراسة أيضاأن الوضع الاجتماعى للضحية يلعب دورا إضافيا فى تفاقم الوضع النفسى جراء الاعتداء إضافة إلى عوامل أخرى كأن يكون المعتدى عليه طالبا أو مهاجرا أو عاطلا عن العمل وتوصل الخبراء إلى أن التحرش الجنسى غير الجسدى والجسدى مساويا للاغتصاب لأن العواقب النفسية فى الحالتين متطابقة.
من الأسباب الأخرى التى ساعدت على التحرش الجنسى ظاهرة الشذوذ الجنسى والكبت السيكولوجى إلى جانب الوحدة والعزلة والإحساس بالنقص والدونية فالإنسان الذى يعانى من الاضطراب النفسى ويميل إلى السادية والمازوشية والپارانويا ويعيش داخل عزلة حادة وغربة ذاتية ومكانية، ويعانى من النقص العضوى كالقبح والذمامة يكون مستعدا أيما استعداد لممارسة التحرش الجنسى مع الحيوانات والأطفال والعجزة والقاصرات والمرأة أو مع جنسه المثيل من الذكور.
المصدر الوحيد للثقافة فى مصر هو الإعلام المرئى وأغلب موضوعاته تدعو إلى "التحرش والمخدرات والبلطجة" وحل كل المشاكل التى تعانى منها مصر من "مخدرات وبطالة وارتفاع نسبة الطلاق والتحرش" يكمن فى السيطرة على الإعلام المرئى وللقضاء مع تطبيق القانون بشكل رادع وسرعه التنفيذ مع تغليظ العقوبه على المتحرشين وزياده التواجد الامنى .