الأشجار على الجانبين , تتدلى فروعها فى صمت مريب, رطوبة خانقة , بدا أن اليوم شديد الحرارة, سرت دعوات بيننا أن ينقضى هذا الصيف على خير .
انطلقت السيارة تحمل ركابها , مصير اشتركوا فيه جبراً , قدر غريب , العمر ينقضى , أنهكنا المشوار ,ما فات يتجاوز القادم , فمتى نستريح ؟! حدّثنى صديق كان يجلس أمامى , التفتّ إلى بجذعه , علامات من قلق سرت بوجهه , وقعت كلماته فى أفئدة السامعين فأدمت مشاعرهم فالتزموا الصمت .
لا راحة فى هذه الدنيا لأمثالنا.. عبارة عقّب بها زميل هادئ بطبعه , لا يتحدث و إن فعل فالحكمة تسرى من فمه , لعلها آخر كلمات سمعتها, فقد مادت الأرض بى و ضاقت بما رحبت , ثم غامت الرؤية ... فترة زمنية لم أحصها عدداّ ..
أفقت , قد أحاطت بى رؤوس الزملاء , تنهمر من عيونهم نظرات قلق , رأيت بعينى صديقى نظرة رعب استحوذت عليه .. هل أثّرت كلماتى بك بهذا الشكل ؟ أتانى سؤاله من جُب عميق , بجهد رددت مع ابتسامة مقتضبة : لم يحن وقت الرحيل .