انتفعت البشرية بعلم الرياضيات بشكل يصعب تحديده أو وضعه فى قوالب، فالرياضيات علم رهيب وممتع إلى أبعد الحدود.
من أهم ما علمتنا الرياضيات؛ العلاقة الطردية بين متغيرين، كلما زاد أحدهما بمقدار معين، زاد الآخر بصورة تتناسب مع زيادة الأول وكذلك العكس؛ كلما نقص أحدهما نقص الآخر بصورة تتناسب مع نقص الأول.
هذه العلاقة من أعدل المعادلات الرياضية وأكثرها وضوحا على الإطلاق، خاصة لو طبقناها على علاقاتنا الإنسانية؛ فكلما زاد احترامك لى، زاد احترامى لك، وكلما قلت معرفتك بواجباتك قل ادائى لحقوقك، وكلما قدرتنى كلما قدرتك، كلما ضحيت من أجلى، كلما ضحيت من أجلك، كلما أهنتنى كلما كرهتك.. وهكذا.
الجميل فيها، أنها تأتى تلقائية وستظل تلقائية، فالمتوقع والبديهى، أننا مع من يحترمنا ويقدرنا ويبذل من أجلنا أشياء، أن نحترمه ونقدره ونبذل لأجله الأشياء، وكلما وقعنا فى الإهانة والإهمال والظلم، كلما كرهنا وبغضنا وأسأنا.
هناك فارق بين العلاقة الرياضية المجردة ، والعلاقة الإنسانية، فالعلاقة الرياضية، تتأثر فيها نسبة الزيادة والنقص فى المتغير الثانى، بنسبة الزيادة والنقص فى المتغير الأول بشكل كبير.
أما فى العلاقة الإنسانية؛ فنسبة الزيادة أو النقص بين المتغيرين غير مرتبطة بنفس الدرجة كما فى العلوم، فإنك قد تقدر أفعالى الكبيرة وتكافئنى عليها ، فأقدر أنا أفعالك الصغيرة وأكافئك عليها، قد أعطيك من وقتى ساعة، فتعطينى أنت يوما، قد تهملنى أسبوعا، فأهملك أنا شهرا. وهكذا.
فالعلاقات الإنسانية تختلف فى الكم عن العلاقات فى العلوم البحتة، ولكنها تتفق فى الفكرة، كلما حدث فعل فى اتجاه، حدث فعل آخر مساوى له أو على الأقل قريب منه فى المقدار.
وكما انتبه علماء الرياضيات إلى الدور الخطير والمؤثر لهذه العلاقة وبنوا عليها قواعد وأصول علمية، توجب علينا الانتباه إلى دورها الخطير وتأثيره على علاقاتنا كلها.