21 محافظ طلّوا علينا من شرفة تعديل المحافظين الأخير والتى أبقت على 6 منهم من الحركة السابقة، أدوا اليمين الدستورية أمام الرئيس السيسى فى 30 أغسطس المنصرم، ومنذ اللحظة الأولى لم يستمتعوا بتلقى التهانى، حتى تشعر أن سلاحهم الذى كلفوا بحمله الزيارات المفاجئة – معلن ومخفى - داخل المحافظة للاطمئنان على سير العمل.
وما بين الاطمئنان على انضباط المستشفيات، وحالة المرور والشوارع، والسماع لمشاكل المواطنين، رحل محافظ الدقهلية "كمال شاروبيم" ضيفا على قرية كوم النور بمركز ميت غمر لإفتتاح وحدة الغسيل الكلوى المنشأة بالجهود الذاتية – كل الشكر لمن ساهم فيها – وحلت معه كل "عمليات التجميل" على الوجه القبيح للقرية، بعدما كان القائمون على مصالح القرية لا يعرفون عن عمليات التجميل قبل تشريفه سوى "تكبير"الدماغ"، بينما تناسوا وجهلوا "تصغير" حجم التعديات على الأراضى الزراعية، و"نفخ" سائقى التكاتك والمحلات غير المرخصة إعمالا للقانون، و"نحت" وش البلد المشوة بالقمامة والعشوائيات، وعمل "باديكير" لحفر الشوارع المليئة بالثقوب العميقة، و"تنسيق قوام" المطبات السمينة طولا وعرضا.
ربما سلك المحافظ الطريق المرسوم والمؤمن له من دخول وخروج البلد، ولم يعلم أن القرية التى تشتهر بالعلم قد زاحمتها أيضا شهرة "رزيلة" القمامة حتى بلغت ما يشبه الأهرامات فى شوارعها وحواريها، لدرجة تجعلك تتوقع أن مسئولين النظافة يتسابقون لزيادة إرتفاعها لتنافس فى قمتها أهرامات الجيزة رغبة منهم فى دخول موسوعة جينيس العالمية لأعلى هرم قمامة فى العالم.
وعلى ما يبدو أن تعليمات وزير التنمية المحلية اللواء محمود شعراوى بضرورة أن تكون الوحدات المحلية فى خدمة المجتمع والبيئة المحيطة، قد فهمت غلط!
فقد قرروا ترك شوارع القرية مزينة بالحفر والثقوب ليسقط فيها المارة فتنكسر أرجلهم من أجل "تنشيط"عيادات العظام والعمود الفقرى، كما تركوا الشوارع "ملألأة" ليصاب قائدى الدراجة والموتوسيكل والتوكتوك بالرعاش "للتخديم" على دكاترة المخ والأعصاب والذين يكتبون روشته تنعش خزينة الصيدليات، أما إذا كنت من أصحاب السيارات فالمطبات وهضاب وتلال الأرض كفيلة بالذهاب بك مباشرة إلى الميكانيكى والعفشجى، أما ترك أهرامات القمامة كان وراءه مغزى لم يفهمه إلا تجار الجردة "ليسترزقوا" من تجميع الكراتين والكانزات والبلاستيك والصفيح والحديد.
وكعادة الزيارات المرتبة للمسئول الـ"بيج" تحولت الوحدة المحلية ومجلس المدينة إلى "بيوتى سنتر" فتفاجأ بالشوارع بقت عروسة، وخلية نحل اللودرات قد انتشرت لرفع مخلفات القمامة، وعمال النظافة دبت فيهم الحياة بعدما كانت رؤيتهم حلم، والتكاتك دخلت الجراجات،والمحلات المخالفة قفلت الأبواب،أما المستشفيات والمدارس والهيئات الحكومية كاملة العدد.
ومع مغادرة "البيج بوس" العروسة ركبت التوكتوك المختفى وقت الزيارة، والعريس رجله انكسرت للتزحلق بروث المواشى، والمعازيم عادوا للعيشة وسط الروائح الكريهة للقمامة، والمحلات احتلت حرم الطريق، والمدارس خلت من المعلمين، والمستشفيات بيت أشباح.
لم يكن أحد يحتاج إلى جهد كبير ليكشف آثار الزيارة لدرجة [إطلاق] نكتة أن طفل وولى أمره بقرية كوم النور،عجزو عن الوصول إلى بيتهم لإختفاء ملامح أهرام القمامة والأرض "المألألة" التى كانوا يميزون بها بيتهم، وهذا على سبيل التهكم من أن القرية تغيرت 100درجة بعد زيارة المحافظ .
النكات كثيرة وكوم النور مثال من 4500 قرية على مستوى الجمهورية، فهل نجد المحافظ القوى الذى يوقف هذه النكات، ويحولها إلى نكبات على المسئول الذى يتقاعس عن عمله.. وإنا لمنتظرون