يلملم الشتاء بقاياه ويوشك أن يرحل، تذّكرنا برودته بفصل أقل قسوة من حرارة وقيظ الصيف، فيعلن عن رحيله بنسمات شبه باردة تتخلل حرارة الجو التى ترتفع وتنخفض كما لو كان صراعا بين فصلين أحدهم يهجم بجبروته وحرارته وآخر يتمسك بما تبقى له من حنين فى أفئدة البشر.
هبّت نسمة باردة، آثرت أن أستمتع بها ما استطعت، لم أهتم بتوقيت الخروج قدر اهتمامى بالسير بالشوارع الهادئة التى ستئن من وطأة الزحام ورخامة الجو بعد أيام معدودات.
قابلت أحد أصدقاء الأمس البعيد، تغيّر كل شىء فيه بفعل الزمن وقد نال منه المرض والتعب، لكن ظلت روحه المرحة كما هى، تبادلنا حديثا قصيرا استمر دقائق قليلة، امتزجت فيها الذكريات السعيدة بلسعة برد سرت فى الجو على استحياء رجوته بضرورة ترتيب لقاء قريب مع الأصدقاء وعدنى بذلك، وكل منّا يعى أن الصدفة وحدها أصبحت همزة الوصل بيننا جميعا.