إن مصر الكنانة الموحدة والمتحدة والمرابطة عبر التاريخ فى رباط وحدة وتماسك الدولة والوطن والمجتمع والشعب والجيش والأرض والموقع والجغرافيا والعروبة والإسلام، قد قهرت ودحرت وقسمت ودمرت وهزمت جميع موجات وحملات وجيوش ومخططات الغزاة والمستعمرون والمحتلون عبر مراحل وعقود التاريخ المختلفة، والتى كان منها غزو الهكسوس والنوبيون والحيثيون والفرس والإغريق والرومان والبيزنطيون والصليبيون والفرنسيون والإنجليز وغيرهم حتى كان آخر مظاهر الاستعمار والاحتلال فى العصر الحديث هو الاحتلال الصهيونى اليهودى الإسرائيلى الاستعمارى المدعوم غربياً وأجنبياً وإقليمياً وأمريكياً، والذى احتل أرض سيناء المصرية المقدسة والجولان العربية السورية وبحيرة طبرية وغور الأردن وقطاع غزة والضفة الغربية والقدس والمسجد الأقصى المبارك وغيرها من الأراضى العربية الأخرى التى احتلت عام 1967 م .
وفى حرب 6 أكتوبر المجيدة عام 1973 مأعاد الجيش والشعب المصرى ذاكرة وملحمة انتصارات مصر التاريخية والتى لن تكون آخر تلك الانتصارات وسوف تستمر وتتواصل تلك الانتصارات فى الحاضر والمستقبل القريب والبعيد كما خبر بذلك نبى ورسول الإسلام الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم محدثاً عن الخالق الأعظم سبحانه وتعالى بأن مصر وشعبها وجندها فى رباط إلى يوم القيامة، وقد حققت انتصارات حرب أكتوبر المجيدة العديد من الانتصارات والدروس الخالدة والراسخة والدائمة فى ذاكرة التاريخ لمصر والعرب والعالم وللإسلام والمسلمين فى شتى ربوع الأرض وذلك على جميع المستويات الاستراتيجية والجيوسياسية والديموغرافية والدينوغرافية والإيديولوجية والعقائدية والعرقية وغيرها ومن تلك الانتصارات، هو الرفض الشعبى والعسكرى والوطنى المصرى بالقبول بحقيقة الأمر الواقع وهى الاحتلال الإسرائيلى لأرض سيناء وسرعة البدء المصرى فوراً فى إنهاء جميع مظاهر الاحتلال لأرض سيناء المباركة والمقدسة .
وكذا الانتصار على عدو ومرض الاستسلام ورفض القبول بالهزيمة داخل النفس والعقيدة العسكرية والشعبية والوطنية المصرية، وكذا القضاء على أسطورة الجيش الإسرائيلى الذى لا يقهر، وكذا القضاء والوأد المبكر لمخطط قيام دولة إسرائيل الكبرى والعظمى من النيل إلى الفرات، وكذا القضاء على المخطط والعقيدة الإسرائيلية والصهيونية الهادفة لقيام الدولة اليهودية والعبرية المنشودة والهادفة لتكون دولة إسرائيل الغير معرفة بحدود جغرافية ووثائق تاريخية هى قبلة اليهود والصهاينة الأولى فى المنطقة العربية والشرق أوسطية وفى العالم أجمع وذلك على أنقاد أرض سيناء والأراضى العربية المحتلة والقدس والمسجد الأقصى المبارك وغيرها، وكذا القضاء والوأد المبكر لمخططات إسرائيل والغرب الهادفة لتهويد وعبرانية سيناء وجميع الأراضى العربية والمقدسات الإسلامية والدينية المحتلة على المدى القريب والبعيد وذلك كما تطبقه إسرائيل اليوم على جميع المدن والبلدات الفلسطينية والجولان السورية المحتلين فى ظل ضعف وغياب الترابط العربى والإسلامى، وكذا القضاء والوأد المبكر والسريع لمخططات الغرب وإسرائيل وأمريكا لتنفيذ عمليات وثقافات التمدد الصهيونى والعبرانى واليهودى فى المنطقة العربية والإسلامية .
إن الاحتلال الإسرائيلى للأراضى العربية والإسلامية هو أخطر مظاهر وأنواع حملات الاحتلال والاستعمار التى شهدها التاريخ القديم والحديث والمعاصر والتى حلت بالمنطقة العربية والإسلامية، وذلك لكونه احتلال عسكرى كما أنه احتلال جغرافى وتاريخى لأرض وتاريخ الشعوب والأوطان العربية والإسلامية .
كما أنه احتلال واستعمار عقائدى وعرقى تتزعمه جماعات وعصابات صهيونية إجرامية أجنبية ودولية متطرفة مدعومة بقوات وقيادات عسكرية صهيونية متطرفة تدعمهم قوى الاستعمار الأمريكى والغربى وهو احتلال واستعمار بغيض يبحث عن أرض وشعب ووطن وهمى وزائف فى عقله العنصرى المتطرف، كما أن الهدف من قيام دولة الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى فى المنطقة والتى هى صناعة أمريكية وغربية واستعمارية هو بمثابة رأس الحربة العسكرية الأمامية لقوى الاحتلال والاستعمار الأمريكى والغربى والأجنبى الهادف لتقسيم وتفتيت وتدمير وحدة وتماسك وترابط الأمة العربية والإسلامية كما يهدف إلى الوأد الاستباقى لقيام أى تحالف عربى وإسلامى فى المنطقة فى الحاضر والمستقبل، وكذا علماً بأن المنتصر الأول فى حرب أكتوبر الخالدة هو الشعب المصرى الرافض للهزيمة والاستسلام والداعم اللوجستى والبشرى الأول للجيش الوطنى المصرى، كما أنه الجندى والقائد الذى يجود بنفسه وروحه لتحرير الارض ويصون المقدسات والعرض .
إن انتصار أكتوبر المجيد هو يوم خالد ومشهود من أيام مصر والعروبة والإسلام التاريخية كما أن عبور القوات المسلحة المصرية قناة السويس وتحطيم خط بارليف الحصين هو مشهد آخر من مشاهد الإرادة والعزيمة الصادقة للشعب والجيش المصرى، كما أنه عبور من الهزيمة إلى الانتصار ومن اليأس إلى الأمل ومن الظلام إلى النور ومن الذل والمهانة إلى العزة والكرامة، كما أن مشاهد عبور مصر اليوم وفى المستقبل القريب والبعيد يجب أن تكون عبور الأمة والشعب والدولة والوطن والمواطن معاً من مصاف الدول الفقيرة والنامية إلى مصاف الدول الغنية والناهضة والمتقدمة .
وكذا العبور من الضعف والجهل والتخلف إلى القوة والمعرفة والتقدم، ومن التبعية والانحياز إلى الاستقلال وعدم الانحياز، ومن ظاهرة الاستهلاك والاستيراد إلى ظاهرة الإنتاج والتصدير، ومن تفريغ وهجرة العقول والعلماء والمبدعين والمفكرين وغيرهم إلى التوطين الدائم والمستقر لتلك الثروات الوطنية، وكذا من وطن طارد للثروات ورؤوس الأموال والمستثمرين إلى وطن جاذب لهم، وكذا العبور والتحرر من الفكر التخلفى والرجعى والانهزامى إلى الفكر العصرى والتقدمى والنهضوي.
وكذا العبور من ظواهر معالجة الأزمات إلى ظواهر إدارة الأزمات، وكذا العبور من ظاهرة إدارة ورئاسة الفرد إلى ظاهرة إدارة ورئاسة المؤسسة، وكذا العبور من ظاهرة التعليم التلقينى والمعرفى والتنظيرى إلى ظاهرة التعليم الإبداعى والتخليقى والإنتاجى، وكذا العبور من جميع مظاهر البطالة والاستهلاك إلى مظاهر العمل والإنتاج، وكذا العبور من ظاهر المجتمعات الطاردة للمواطنين إلى مجتمعات أخرى جاذبة ومستثمرةلهم وغيرها الكثير والكثير، من هنا فإن العبور يجب أن يستمر ويتواصل مع استمرار مسيرة الحياة البشرية والإنسانية وذلك لخدمة الوطن والمواطن والإنسانية .