يقول الشّاعر: وينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان عوّده أبوه
تربية الأطفال وخاصّةً فى الصّغر تسهم فى تشكيل عقليّة الطّفل وثقافته وترى الطفل دائماً ينظر إلى ما يفعل أبويه ويتّخذهما قدوةً له ويحرص الكثير من الآباء والأمهات على زرع الأخلاق الحميدة فى الطفل منذ سنواته الأولى وعلى تربيته تربية صحيحة لا تكون بالأوامر والقوانين، بل يكتسبها الطفل ممن حوله ويراها متجسدة فى تصرفات والديه حتى ينشأ طفلاً صالحاً فى المجتمع وفى هذا المقال سنتعرف على أفضل طرق تربية الأطفال الصحيحة.
تشكّل تربية الأطفال فى وقتنا الحاضر تحدّياً للكثير من النّاس فالوقت المتاح لكثيرٍ من الآباء يتقلّص باستمرار بسبب صعوبة العيش وكثرة مسؤوليات الحياة ومن هنا برزت الحاجة لأن يتشارك الزّوجان فى تحمّل مسؤوليّة تربية الأطفال بحيث يتحمّل كل طرفٍ منهما جزءاً منها وبالتّالى تتوزّع الأعباء على الطّرفين فالأب يخصّص وقتاً للجلوس مع أطفاله وتوجيههم وكذلك تفعل الأم .
لا بدّ من تخصيص الأهل وقتاً كافياً لأطفالهم حيث أن نقص الاهتمام يزيد من احتمالية التصرفات الخاطئة والسيئة من قبل الأبناء وعليه يجب الاهتمام بتناول الوجبات معهم، أو الخروج فى نزهة مساءً وغيرها من النشاطات علماً أن الأبناء المراهقين يكون تواجدهم مع الأهل أقل مقارنة مع الأطفال ولكن عندما يحتاجون للتقرب من الأهل أو الحديث معهم أو مشاركتهم أى أمر يجب التجاوب معهم فوراً ومشاركتهم فى اهتماماتهم مثل حضور الحفلات الموسيقية وممارسة الألعاب وغيرها كل ما سبق يتيح الفرصة لفهمهم ورعايتهم بشكل أكبر كما يتيح الفرصة لمعرفة المزيد عنهم وعن الأشخاص المحيطين بهم كالأصدقاء.
يجب أن تكون الاسرة على وعى بكثير من العادات والتقاليد السائدة فى المجتمع لكى تعلمها الى ابنائها بطريقة سليمة وذلك بسبب أن العادات والتقاليد تختلف من مجتمع لأخر بمعنى أن ما هو مسموح ومرغوب فى مجتمع يمكن أن لا يكون مسموح او مرغوب فى مجتمع آخر وأيضا الوقت ففى الماضى كان هناك عادات وتقاليد لم تعد موجودة فى الحاضر لذلك تختلف العادات والتقاليد بفرق المكان وان لم يكن لدى الأسرة وعى بهذه الامور فان ذلك يؤدى الى تنشئة الاطفال بطريقة خاطئة،
الأستاذة المساعدة فى الطّب النّفسى بجامعة نيو مكسيكو دورا وانغ فى أبحاثها وهى أم لطفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات اشارت إلى أنّه يمكن نقل الطّباع الخاصّة بالوالدين إلى أطفالهم ولكن ليس بالضّرورة أن يكون من خلال الجينات فقط بل يمكن أن يتمّ ذلك عن طريق السلوكيّات المُمارسة ومن خلال أنماط تربية الأطفال وذلك لأنّهم يلتقطون الطّباع والممارسات من والديهم سواءً كانت هذه الممارسات جيّدة أم سيئة بحيث يقوموا بتقليدها بالإضافة إلى أنّه يتمّ تنشيط المسارات العصبية لدى الأطفال فعلى سبيل المثال إذا ابتسم أحد الوالدين فإنّ الطّفل يقوم بالتبسم حتّى وإن كان لا يعلم السّبب.
يجب التقدير للطفل والثناء عليه فى النجاح المدرسى أو فى التصرفات والسلوكيات فى الحياة حتى يستمر فى هذه السلوكيات وتزداد أهميتها لديه والمكافأة له تقديراً وتعبيراً عن نجاحه.
على الأبوين أن يجلسان مع أطفالهم وأن ينزلان أنفسهم منزلهم فى التّفكير والاهتمام فحين تخاطب الطفل بلسانه وحين تهتم بما يشغله تراه ينجذب إليك انجذاباً عجيباً فتستطيع حينئذ غرس القيم النّبيلة والأخلاق الحميدة فى نفس طفلك حين تقدّمها له فى قالبٍ يناسب عمره وطفولته.
الصداقة بين الوالدين والأطفال هى الوسيلة للأمان والتقرب من الطفل فعندما تنشأ هذه الصداقة ويطمئن الطفل نراه يلجأ لوالديه أو أحدهما للمشورة مما يساعد الوالدان على التعرف على كل ما يفعله الابن والاتجاه الذى يسير فيه والتوقيت المناسب للتدخل بالطريقة المناسبة التى تحافظ على هذه الصداقة كما أنها تحصن الأبناء من اللجوء إلى الآخرين لطلب النصيحة منهم.
وعلى الأبوين أن يدركا أن لكلّ مرحلةٍ من مراحل الطفل حاجاتٍ واهتمامات وأنّ كلّ مرحلةٍ تستلزم اسلوب تخاطبٍ وتربية وأنّ تربية الأطفال هى عمليةٌ مستمرّة حتى يشبّوا ويصبحوا قادرين على تولّى زمام أمورهم فلا يستسلم الأبوين إذا واجهتهم صعوبات بل يستعينوا بالله تعالى على ذلك.
عموماً ليس من السهل استبدال طريقتنا المعتادة بالكلام بلغة الاهتمام ولكن عندما يبذل الآباء جهدهم بالاستجابة لأولادهم بتعاطف تكون النتائج مجزية خصوصاً عندما يلمس الأولاد فيه الفرق ويتعلمون أن يتكلموا بنفس الطريقة.
ولا يستطيع الأَولاد اختيار عواطفهم فهم مسئولون عن كيفية ووقت تعبيرهم عنها لا يمكن احتمال التصرُّف غير المقبول، إنه من الصعوبة بمكان أن نحاول إجبار الأولاد على تغيير سلوكهم غير المقبول.
ويحتاج الآباء أن تتولد لديهم قناعة بعدم جدوى التذمُر والضغط، فالتكتيكات القسرية تُنتج التذمر والمقاومة فقط، الضغط الخارجى يستدعى المجابهة، يستطيع الآباء أن يؤثروا على أولادهم عن طريق الاستماع لوجهات نظرهم وزجهم بحل مشكلة ما، أكثر مما يستطيعون ذلك عن طريق محاولة فرض إرادتهم عليهم.
كما ويحتاج الأولاد إلى تعريف واضح للسلوك المقبول وللسلوك غير المقبول، إنهم يجدون من الصعب عليهم أن يتصرفوا حسب دوافعهم ورغباتهم بدون المساعدة الأبوية، عندما يعرفون الحدود الواضحة للسلوك المسموح به، فإنهم يشعرون بأمان أكثر.
ومن الأسهل بالنسبة للأهل أن يضعوا القواعد ويصّرحوا عن الممنوعات، أن يضعوا الحدود من أن يطبقوها، يميل الآباء ليكونوا مرنين عندما يتحدّى الأولاد هذه القواعد، يريد الآباء لأولادهم أن يكونوا سعداء، عندما يرفض الأهل أن يسمحوا لأولادهم بكسر القواعد، فيُحتمل أن يحمل الأولاد والديهم على الاعتقاد بأنهم غير محبوبين ومذنبين.
ويحتمل أن يرغب الآباء بوضع أولويات لقواعدهم لأن قواعد كثيرة تكون صعبة التنفيذ وهم يحاولون حصرها بأقل عدد ممكن.