ما بين أكتوبر والدواعش وصمود أرض يخبرنا أن الحروب هى الحروب من حيث التناحر والعداء والخسائر المادية والبشرية ؛ لكن قد تختلف فى المعنى والأدوات والأهداف والمصادر.
فهذه حرب أكتوبر ونصرى المجيد على أرضى المقدسة ليس من باب الزهو والمبالغة بنصر متواضع؛ بل كان نصراً محققاً ومجيداً ومتعدداً فى تضحياته ومخاطره على عدو متغطرس كان وما يزال شديد القبح والظهور .
و تعيد سيناء نفس النداء لتخبر عن عدو أشد قبحاً وخسة " داعش سيناء " لا يريد الظهور؛ بل يجيد التخفى فى كل شىء فى مصادره و فى أهدافه وماذا يخطط لنا .
والداعشية منذ أن أطلت علينا بوحشيتها وبدأت فكرة الترويج لها فى الإعلام الغربى فى عام 2012 و الأخبار تطالعنا بقتلهم لأسر كاملة واستهداف مدنيين دون أن يتضح سبب استهداف هؤلاء الأبرياء .
أين هم من آداب الحروب فتكفيهم مقولة "لا تقطعوا شجرة"
قتل البشر وسفك دمائهم فى حاجة لأسلحة وجيوش تحارب، ولعل يحدث لهم فى على أرضى " داعش سيناء " وم يقوم به الجيش المصرى من توالى عمليات التصفية منذ استهدافهم لأرضى كولاية إسلامية كما أوهموا أنفسهم لهو خير شاهد على الثأر وتلقينهم خير درس .
فى الحقيقة تستوقفنا المشاهد الدموية ونتألم لفقد الضحايا فتلك عادة الحروب ؛ لكن المشهد الجديد والذى لم أعهده و الأكثر ألماً هو أن تباد ملامح لحضارات سابقة، لأمم سجلت تاريخها بحروف من نور وأهدت العالم ثمرة ما أنتجت من تراث وسجلات غيرت وجه التاريخ ..، فهناك بغداد قبل وبعد الميلاد مهد الحضارات، على ذكرها كم رددنا: كنا وكنا !
قتل البشر أهون فى الإنسانية من قتل الحضارات، فهو أبشع عمل أقل ما يوصف به بأنه " مذابح حضاريـة وأثريــة " القلوب تذرف قبل العيون على ماضى مجيد بأيد عابثة تستهدف هوية شامخة تأبى الذوبان
لكن المذابح الحضارية والأثرية كيف الثأر لها ؟!
فكم تنوعت مشاهد تحطيم المتاحف والآثار والمعابد على مرأى ومسمع من العالم فرفض وندد وشجب، وكأن الأمر لا يتعدى بعض اللوحات الفنية،
المشكلة هنا ليست فى من المستفيد ومن المتهم ولماذا يفعلون ذلك ومن وراء فكر الدواعش الدموى واستهداف الآثار والأماكن الدينية وكل المقدسات الاسلامية والمسيحية فالأمور أصبحت على المكشوف والتحليلات فيه كافية من وجهة النظر السياسية والدينية، ولا يخفى على البسطاء من خلف داعش ومن المستهدف ؛ لكن الإشكالية فى أن الأحداث تتوالى والأمم تفنى ؛ لكن معالم الحضارات هى الباقية والشاهدة على كل العصور الماضيـة، فمن لنا بعد فنائنا
وسيناء تطل بسؤالها رغم ما تنجزه على أرضها بجيش يأبى الخضوع ..، وإذا الحضارة سئلت بأى ذنب قتلت ؟!
هنا لا تسعف كلماتى النازفة سوى أبيات على غرار ماكتب نزار فى رثاء غرناطة فما أكثر الحضارات المفقودة !
هُنا سيناء زَهوُ جدودنا
فاقرأ على ترابها أمجادي
أمجَادُها !!! ومسحتُ جرحاً نازفاً
ومسحتُ جُرحَاً ثانياً بسيناء فؤادى
ياليت سيناء تبقى فلها كل ودادى
من جرح داعش فابرئى
وابنى وارفعى كل الأمجاد