يعد الملتقى العربى الأول ضوءا أخضر لبدء انطلاقة حياة جديدة لذوى الاحتياجات الخاصة، فقد استطاع أن يسلط الضوء على أصحاب القدرات الفائقة، وإبراز الجانب الإيجابى والتركيز على قوة عزيمتهم وإرادتهم الصلبة فى إنجاز المهمات، فضلاً عن إظهار الجانب المشرق وتحدياتهم الواضحة فى المجال الرياضى، والتأكيد على ضرورة دعم هذه الفئة فى المرحلة المقبلة للاستفادة من إمكانياتهم واستغلال مواهبهم من خلال مشاركتهم الفعلية فى بناء المجتمع.
ظل المعاقون فى كهوفهم لسنوات طويلة، لا ينظر أحد إلى قدراتهم العقلية بقدر النظر إلى إعاقتهم الحركية، يسلكون الطرق المتاح لهم فحسب، ولا يطأون بأقدامهم جامعات بعينها أو تخصصات معينة فى مجال العمل، فمهما حاولوا دق أبواب العمل تبقى مغلقة أياً كان المؤهل الدراسى، فلا يهم الالتفات إلى مهاراته مقارنة بالالتفات إلى هيئته التى تسبب نفورا لمن يجرى معه مقابلة العمل المقرونة بالرفض دائماً، فقد يلتحق بالوظيفة شخص أقل منه خبرة لكن معيار قبوله قد تحقق عندما بدا لهم معافى.
أكثر ما أثار إعجابى فى الملتقى مقولة "أننا أصحاء ولكننا معرضون أن نكون ضمن هذه الفئة من خلال حادث، فهل سنطيق حينها أن نتحمل آلامهم؟ !
ليت كل مسؤول يضع هذه المقولة نصب عينيه عندما يتعامل مع غيره من ذوى الاحتياجات الخاصة، وأن يعمل جاهداً على تذليل الصعاب لهم بما هو مسموح فى إطار عمله، ليت كل خطة يتم وضعها لتطوير شىء ما أن ينال المعاق جزءا منها، وأن يحصل على قسط من حقوقه المؤجلة، ويأتى الوقت لينفرج عن أحلامه التى مازالت حبيسة بين أضلعه ومخبأة داخل صدره.
يلتقى المعاق بآلاف الصعاب متحديا إياها بإزاحتها عن طريقه، ولكن قوته وحدها لا تكفى، فهو فى حاجة إلى التسهيلات التى تمكنه السير فى الطرق المواتية له وتوفير وسائل مواصلات مخصصة له، ومن ثمّ التنقل إلى المدرسة بسهولة ما يترتب عليه إيجاد فرصة عمل تتناسب مع مجاله الدراسى وتتوافق ايضا مع نوع الإعاقة سواء كانت سمعية، بصرية حركية.
مازالت الحياة التى يتطلع إليها المعاق لم يعشها بعد،فمازال فى جعبته الكثير الذى يتلهف لتحقيقه، يحلم بزمان يأتى عليه لا يشعر فيه بأى اختلاف عن الآخر ،مازال يحلم بعالم ينتهى فيه نظرات الشفقة، ومصمصة الشفايف، عالم تتوافر فيه سبل الراحة لتنقل من مكان لآخر، عالم يتوفر به مقعد داخل كل مدرسة، وطرق ممهدة لحركته ،وجامعات تتهافت عليه، ووظائف تمطر عليه من كل مكان، عالم يحقق له مدينته الفاضلة التى تتشكل فى مخيلته إلى واقع معاش، عالم يخلو من حالة الرفض التى يقابلها أثناء معاملاته البومية، عالم يحاوطه بالأمان منذ أن يغادر بيته إلى أن يعود دون أن يحمل هماً لمعوقات، أو يسبب له ألماً، عالم يدفعه للخروج من عزلته ليطل على مجتمع أكثر وعيا ورقيا وتفهما له يرحب به للانخراط بداخله، فيخالط غيره من الفئات ومختلف الطبقات فيشعر أنهما على حد سواء، عالم يتعامل على مبدأ الإنسانية ويسير وفق العدالة ويحقق المساواة دون النظر إلى فروق أخرى.