حين نقلب فى كتالوج الأيام.. نرى بين صفحاته الكثير من البشر يسيرون فى الحياة بلا يقين فى أى شئ حتى صاروا ريشة تطوحها نسمات هواء.. يبهرونك بالكلام عن الحب والمشاعر، بينما يلتصقون بمن لا يحبونهم، ويهملون من يحبونهم بصدق.. منتهى التناقض المرضى !.. يتحدثون ببراعة عن الحكمة، بينما يعانون من بلبلة الخاطر وجوع الفكرة.. ينزلقون إلى دوائر بشرية مثيرة للشفقة من شدة تفاهتها وانفصالها عن الواقع الحقيقى الذى زينوه بالمظاهر والنفاق الاجتماعى.. يرفعون شعارات الصدق والشفافية، بينما يكذبون لأتفه الأسباب.. لا هم لهم سوى تحقيق أكبر قدر من المكاسب بعد أن جرفتهم مظاهر الحياة فى سكة الأشياء المادية منزوعة القيم والأسس والمبادئ.. يبتعدون عن كل الوجوه التى تحكى لهم حقيقتهم بكل صدق دون أغراض أو انتظار ثمة مقابل.. ينهمكون فى البحث عن أشياء وهمية ظناً منهم إنها ستجرهم إلى الأمام.. تتسم أفعالهم بالعشوائية بعد أن فقدوا بصيرة الأشياء والإحساس بحقيقة الحياة.. يهتزون عندما يواجهون أى مشكلة مهما كانت تفاهتها.. كل الطرق التى يسيرون فيها، يعودن منها بالمزيد من الخيبات من شدة جهلهم بكل ما يدور حولهم من أحداث.. يخفون حقيقتهم عن الأعين خشية الشماتة، بينما لا يكلفون أنفسهم عناء البحث عن حلول من شدة خوفهم المرضى من الوقوع فى المزيد من الخيبات.. يتصنعون الجدية، بينما سلوكياتهم أشبه ببهلونات السيرك الذين يضحكون الجماهير على التفاهات.. يجيدون الرغى والقيل والقال مع من على شاكلتهم كى يفرغون طاقتهم السلبية التى تقتلهم فى اليوم آلاف المرات.. دائماً وأبداً يناضلون لكى يثبتوا للآخرين إنهم على صواب، بينما يفتقرون للمنطق فى أبسط الأشياء.. حياتهم صارت ملحمة من الأكاذيب والمبالغات والزيف وتجميل الذات.. وعلى الرغم من امتلاكهم أدوات حباهم الله بها، إلا إنهم لا يعرفون ماذا يفعلون بها.. ومن شدة غفلتهم يمر عليهم الزمن كأنه شبح لا يروه، فتضييع أعمارهم سدى.. حان الآن إغلاق الكتالوج، وكفانا هذا القدر من الإحباطات.. وليس علينا سوى أخذ العبرة والاعتبار.