يا بائع الورد أعطنى وردة تهب لى الحياة وتذهب عنى حزنى وغمى وترسم ابتسامتى وتفك كربى وتزيل عنى الهموم التى فاحت رائحتها من جسدى بعدما دهسه الزمن، يا بائع الورد أشعر بك أرى خباياك التى لا يعلمها أحد الناس تحسدك على سعادتك؛ لأنك تطل علينا بضحكتك الرنانة وملامحك البشوشة لكنهم لا يقرأون ما فى أغوار نفسك ليعرفوا حقيقة أمرك وما تخفيه من آلام وأحزان.
فى يوما ما كنت عائدة من العمل وكنت قد اقتربت من الوصول إلى المنزل وكانت إشارة المرور حمراء وإذا ببائع الورد يتجول بين السيارات قائلاً: يا ورد مين يشتريك وللحبيب يهديك يهدى إليك الأمل والهوى والقبل، أسعدنى جدا طريقته فى البيع فروحه مرحة وابتسامته لا تفارق شفتيه... والناس قد اعترتها الدهشة لأمر هذا الرجل هل مازال هناك من يعيش بروح الزمن الجميل حتى الآن؟ وأخذوا يجترون ذكرياتهم الماضية أيام محمد عبد الوهاب خصوصاً من شاخوا من الرجال وبدت ملامح النشوة والسعادة على وجوههم وشرع كثيراً منهم فى شراء الورد وأعطى رجل عجوز لامرأته وردة فخفق قلبها من الفرحة، وكأنها أول مرة تتلقى منه هدية وظلوا يسترجعان أيامهم الماضية واشتاقوا إليها.. فأخذ يداعبها والسيدة مغمورة بسعادة لا مثيل لها أما بالنسبة لى التمست فى البائع كل معانى الرضا والإيمان بالله فبرغم ابتسامته الجميلة وصوته الأجمل ووروده التى لا نظير لها... رأيت فى عينيه حزنا دفينا.
فهو يسعد كل من يقدم له الورد لكن لا أحد يسعده لا أحد يشعر فيما بين طيات قلبه فأكثر من يمنحون السعادة هم أكثر الناس تعاسة، وأنت من الممكن أن تكون مانحاً للسعادة بأبسط الأشياء دون ثمن باهظ فلو أحسنت إلى الناس بالكلام الطيب وجبر الخاطر فهذا يكفى وأن تمنح من تحب وردة لتدخل الفرحة فى قلبه فهذا يكفى فتلك الأشياء البسيطة غير المكلفة قد تحيى إناساً بل تحيى شعوباً فباقة من الورد المهداة مع الكلمة الطيبة تصفيان النفوس وتمحوان سواد القلوب وتجعلان من الود عنواناً ومن الحب رسولاً.... فيا ليت الورد يتساقط من السماء ليملأ الناس بهجة وفرحة فما أجملك يا ورد يا جامع القلوب ومهدئ النفوس ومداوى جروح الحياة.