أسباب التطرف أو العنف ليس الأمية أو الفقر أو نصوص دينية متشددة فهذه عوامل محركة، أما الجذر والأصل يكمن في المعايير المختلة التي غرست في نفوس الأطفال منذ الصغر؛ فلو تربي الطفل تربية سليمة وصحيحة لن يلجأ مطلقًا إلى قتل الأبرياء أو إلى ازدرائهم، ولن تؤثر فيه أفكار متطرفة أو نصوص دينية يساء فهمها والتي تعجز البشرية الآن عن منع انتشارها فضلًا عن حصرها نتيجة انتشارها المخيف.
ومن الممتع حقًا أن أتحدث عن الانتماءمع مناسبة انعقاد منتدى شباب العالمللرد على ما يروجه الذين تعطلت فطرتهم من المتطرفين دينيًا الذين أعلنوا أن محاور وأعمدة الشخصية المصرية والتي تدور حول الاعتزاز بالموروث الثقافي والحضاري للمجتمع المصري تتعارض مع نظرة الشرع متوهمين أن الدين لا يعترف بماضى وموروث الأمة المصرية.
فعلى الآباء والأمهات والمربين غرس قيم الاعتزاز بالانتماء باحترام المنجزات المعاصرة بصورة معتدلة لا تأخذ شكل النقيضين وهما التعصب لحب شيء والتفاخر به فقط دون الاستفادة به في الواقع المعاش كالتفاخر بعظمة الحضارة المصرية على مر العصور دون تحقيق الريادة المعاصرة، أو كُره شئ كموافقة الأهل على شكل التعصب لنادى رياضى مثلًا الذى يؤدى للاستخفاف أو استحقار المنافس فالانتماء مخالف للتعصب، وكذلك من نواقض الانتماء التي تغذى التطرف هو غرس قيم انتماء متطرفة كمن يقلل من الإنجازات التاريخية فمن يفعل ذلك يضر بقيم الانتماء عند الطفل فمن يربي الطفل على رفض الاعتراف بالموروث الثقافي الفرعونى أو المسيحي أو ازدراء الآخر يربيه على كره الوطن، ويربيه على كره الآخر المسيحي وعلى كره من يعمل في مجال الآثار أو الفنون، ومن يربي أطفاله على التنقيص من الجهد المبذول فى المشروعات المصرية المعاصرة ( فكم يوجد بيننا آباء وأمهات يلقنون أولادهم برؤيتهم في ثورة 23 يوليو، أو حفر قناة السويس الجديدة وغيرها؟!!).
والمستفاد أن غرس الانتماء للوطن لا يقتصر على مرحلة الشباب ولا يقتصر على دور الدولة في الاهتمام بمصالح الشباب فقط، بل يبدأ في مرحلة التربية الأولى، مرحلة الطفولة.
فعلى الآباء والأمهات ترسيخ حب انتماء أولادهم لعائلتهموبدون عصبية قبليةولقريتهم ولمحافظتهم فضلًا عن دولتهم، وترسيخ احترام المنجزات الحضارية على مر العصور، فإذا تحقق ذلك فنكون قد غرسنا الانتماء للدولة وللدين دون تعصب، وبذلك نكون قد أقمنا حائط صد واقى من التطرف أو حتى الأفكار الإلحادية الهدامةيحمى ويحصن شبابنا في المستقبل، ولن تفلح معه أي أفكار هدامة مخالفة للدين أو لقيم الوطن، أو أي محركات مفاجئة للتطرف مستقبلًا.