هل جربت يوما أن تزور أى مصلحة حكومية لتخليص بعض أوراقك، لقد اضطرتنى الظروف أن أزور إحدى المصالح، وليتنى ما فعلت، طوابير عجيبة تحسبها يوم الحساب، اختلطت الأصوات برائحة العرق، مكاتب يجلس عليها أفراد يتصببون عرقاً أمامهم كومة دفاتر تحسبها عدة الشغل، كل منهم على أذنه محمولة يتجاذب أطراف الحديث إن سألت لا تجاب وإن تجرأت وخانك لسانك وسألت مرة أخرى ستسمع ما لا يرضيك، وبعد أن تكاد تستنزف من كم السوائل التى تفقدها من حر التجمهر وعدم وجود أى من وسائل التهوية وإساءة الموظف للعميل يظهر لك أحدهم ليقول لك حضرتك ((مش وش بهدلة)) فيبش وجهك وتحسبه موظفا شعر بآدميتك فتفاجأ بأنه سمسار لتخليص مصلحتك.
وهنا تقع فى معركة بين ضميرك وعدم تشجيعك لمثل هؤلاء السماسرة أباطرة تخليص أوراقك بمقابل مادى وبين آدميتك المهدرة على أرض المكان، وللأسف قد تضطر أن تخرج من طابور طويل فتجلس معززا مكرما وتعطى لهذا السمسار أوراقك، وبعدها بعشر دقائق على الأكثر تغادر المكان مجبور الخاطر.
ولكن كيف يمكن لهذا السمسار تخليص أوراقك؟؟ وكيف لهؤلاء الموظفين تمكينه من الأختام وهل بعض من هؤلاء الموظفين يتقاسم معه ما يأخذه من العميل، ولنفترض أن ليس كل البشر عنده إمكانيات لتلك المخالفات ماذا سيكون مصيره، وهل هو إهمال متعمد أم قلة الموظفين وتزاحم العملاء عليهم، وإذا كان فعلا قلة موظفين فلم لا يستعان بكم الخريجين الذين يجلسون على المقاهى بدون عمل ويعانون من البطالة وهل نسمى ما يحدث رشوة أم تخليص مصلحة، أم تنتظر وتنتظر وتنتظر إلى أن يأت دورك فتسمع الموظف قائلا: "فوت علينا بكره يا محترم".