إن بلادنا جميلة، عروس الشرق، دائماً نتأمل فيها من حضارة ونجتهد فى أن نحافظ عليها ونجعلها وجهاً شرقياً محبباً لنا، بل للغرب أيضاً. فعلينا أن نحرص على التقدم دائما فى تجارتنا وصناعتنا وثقافتنا، كما لو يحرص الطبيب البارع فى البحث والتقدم فى علومه الطبية كل وقت وحين.
فالوطن ليس كلمة عابرة تقال، الوطن رمز عظيم، لأنه هو دار المقامة لنا فى الدنيا ودار التعبد والتنمية والرخاء، لا دار التخريب والإرهاب والثرثرة الغير مفيدة فى كل جوانب الوطن.
شاهد وأقرأ عزيزى (القارئ) لماذا نشعر بالحزن والأسى؟ لأننا لم نعرف كيف نقدّس حياة الوطن بما فيه وخصوصاً لهذا الشهيد الذى ضحى من أجلنا وفى سبيلنا وفى سبيل أجيال قادمة، ونحن هنا داخل الوطن نثرثر ونحارب بعضنا البعض دون فائدة، وقد نلنا من أنفسنا، فنحن ربما لم نعد كتلة واحدة أمام كل إرهابى وخائن للوطن، وهناك عدو أساسى لنا هو إسرائيل، لكن كل محاولتنا هى زعزعة واستقرار الوطن والتحدث فى السياسة ونسينا الدماء الزكية التى سفكت من أجل هذا الوطن، بل من أجلنا نحن الشعب، لكى نعيش فى أمن وسلام.
مما لا شك فيه أن بلاد الغرب عندما ينجح أى إنسان ويصل إلى هدفه ومراده سواء رئيس أو غير ذلك تنهال عليه الورود والرياحين، لكن هنا ونحن نعيش فى بلادنا والشرق الأوسط يفاجئنا وباء لمحاربة أى إنسان ناجح والقضاء عليه وتحطيم إرادته وعزيمته، فكيف لنا لا نقف بجانب كل إنسان نجاح ورئيس ناجح ومخترع ناجح يريد أن يضيف ويبنى للبلد التى كادت أن تفقد وعيها وتعيش فى ظروف لا يعلمها إلاّ الله وحده.
الوقت الراهن هو وقت أزمة شديدة، فعلى كل مواطن مخلص يعيش على أرض هذه البلد عليه أن يبذل الجهد والعرق، فهناك جندى ساهر على الحدود بين الرصاص والقنابل، فهو يحس أن عليه واجب ورسالة خاصة هى وطنيته وحبه لبلده وتراب بلده، إذاً فله أجر القدّيسين المصطفين. فهذا الجندى المخلص لوطنه وأى إنسان آخر يعيش على هذه الأرض الطيبة عليه أن يعرف أن الانتماء للوطن هو انتماء للإنسان إلى إنسانيته وهويته، وبلا شك فإن أى إنسان يحمل فى نفسه انتماءً إلى وطنه يعرف أن الوطن هو المكان الذى يوجد فيه ويعيش على أرضه، فهو لابد أن ينتمى انتماءً قوياً بغض النظر عن اسم المكان أو ذاك، المهم هو معرفة الوطن والأرض، فمحبة الوطن والتضحيات من أجله هو أغلى ما يحمله المواطن فى قلبه، فحب الأوطان من الإيمان، ويترتب على ذلك التفانى والتضحيات والإخلاص الذى يصل إلى حد التضحية والنهضة فى سبيله والذود عنه بكل غالٍ ونفيس، فدور الإنسان هو المحافظة على الوطن وبذل الجهد والنشاط لترسيخ معانى الوفاء والانتماء فى خدمة الوطن، ورفعة شأنه فى كل محفل وموقف والمحافظة على مكتسباته المختلفة سواء البشرية أو الطبيعة...إلخ.
آن لنا أن نفكر بمصيرنا نحن الشعب الواحد، أن نلتزم بوطنيتنا الواحدة وعدم التفرقة حاملين أعباء الوطن، نفكر لغداً تبنى فيه بلادنا وأمتنا. فالأمم والأوطان لا تقام بالتعصب والثرثرة والإرهاب الذى يصدر من بعض الأفراد أو الجماعات أو الأحزاب أو المذهب. فإن قيام البلد أو الأمم يعتمد على الحرية المطلقة فى حدود، وكفاح ومحاربة الفتن والإكراه والاستبداد والفساد وكل الآفات السلبية. فإن بلادنا تعتبر موئل العروبة وحصون لأجيال قادمة لا تعرف الحقد والحسد والكراهية والتعصب والفساد والاستبداد.
فبلادى التى أتسمت بالوداعة والسلام كأنها عطر يملأ الجو من حولنا، فنحن كل يوم نزداد اعتزازاً ببلادنا وشعوراً بمركزها النادر الذى لا مثيل له، وبرخاء العيش والكرامة فيها، وجمال الحياة بين ربوعها كما أننا أمة عريقة ناهضة مستكملة كل وسائل القوة والترابط بين بلدان الأمة الواحدة، وكفى ما حدث لهذه الأمة من إرهاب وخيانة.
هيا بنا نعلم أنفسنا ومن قبلنا أجيالنا وأولادنا منذ نعومة أظفارهم كيف يحبون ويعتزون ببلادهم وأن يحبوها حباً خالصاً مطلقاً قوياً لا حدّ له، بكل عيوبها وحسناتها، بكل ما فيها من شقاء وهناء. أن يحبوها محبة الابن لأمه لا يفكر هل هى قبيحة أو جميلة، وليقولوا لهم أن أمهم مصر هى أجمل بلاد الدنيا وأن أجمل أمة هى الأمة العربية، كما هى بحاجة إلى جيل وأبناء ليذودوا عنها، ويكسروا آخر قيودها من كل هذا الحب نربى جيلاً يحب بعضه بعضاً كما يحب بلاده، ويكونوا أحراراً أصحاب صدق كأخلاق أهلها.
فبعد كل هذا وذاك فإن نهضتنا وقوة تضحيتنا تبنى بلادنا بالعمل والجرأة والتجديد بدلاً من الإرهاب والثرثرة والخمول والجمود.