فى وسط صحراء قاحلة يقطن سالم مع أسرته المكونة من والده المسن ووالدته التي لا تكاد تقدر على القيام بخدمة الأسرة بعد زواج ابنتها الوحيدة، فقد وضع الزمن أثره على صحتها بعدما أضناها حمل المياه على رأسها مسافات بعيدة بجانب أعمالها المنزلية المعتادة من طعام وشراب للأسرة، بالإضافة أيضًا إلى عملها اليومي من رعاية لأغنامها التي تتولى هي العناية بها لأن ولدها الوحيد (سالم) عليه مراعاة الإبل وهي عملية شاقة لا تعطيه الفرصة للمساعدة في أي شيء.
يشب سالم في تلك الصحراء الموحشة فيأخذ منها جفافها في كل شيء حتى في المشاعر فهو حاد الطباع سريع الغضب، وما أن يصل عمره للسابعة عشرة عامًا حتى يتبارى الأب والأم في البحث عن عروس لأبنهما الوحيد، ولكن وقبل إتمام البحث تتوفى والدته فتتعقد أمور سالم أكثر فأكثر وهنا يجد الوالد وسالم في البحث عن زوجة لسد العجز الذي تركته والدته والقيام على شئون الأسرة.
وفي مساء أحد الأيام يدخل سالم على والده زافًا إليه البشرى بأنه قد وجد ضالته فقد وجد العروس المناسبة وبدون أي استفسار من والده يبارك له ويذهبا لخطبة العروس من أهلها وتتم الإجراءات متسارعة ويتزوج سالم ليجد من يخدمه ويخدم والده.
وفي إحدى الليالي تكشف الزوجة عن قبح أصلها حيث اشترطت على سالم أن يعيشا سويًا بعيدًا عن والده فيحاول سالم إثنائها عن رأيها فتصر عليه وإلا تلحق بأهلها فيطلب منها الصبر حتى الصباح، وفي الصباح يطلب سالم من والده مرافقته وتحجج له بأنه يحتاجه في بعض أموره، ثم قام بوضعه على جمل وتحركا لمسافة كبيرة، وفي مكان غير مأهول ولا يرتاده الناس أناخ سالم الجمل ثم وضع بعض الماء والطعام بجوار والده وطلب منه أن ينتظر في هذا المكان حتى قدومه.
وأثناء تحرك سالم للذهاب بعيدًا عن أبيه ناداه بصوت ضعيف وقال له (أنتظر يا ولدي فأنا أعلم ما تفعل الآن فوالله يا ولدي أنني صنعت مثل ما صنعت أنت الآن ووضعت والدي في مثل هذا المكان لكنك كنت أكرم مني فأنا عندما تركت والدي تركته بدون ماء ولا طعام أما أنت يا ولدي فتركتني وعندي شراب وطعام اذهب يا ولدي فهذا سلف ودين وستجد من يأتي بك في مثل هذا المكان).
توقف الفتى للحظات ثم قال صدقت يا والدي فإن لم أقطع أنا هذا الدين الآن سوف يستمر طويلا ثم يعود لوالده فيقبل يديه وقدميه ويعود به إلى بيته واضعًا في اعتباره قرارًا مصيريًا بأن عدم قبول زوجته بوضعه يستوجب طلاقها وليكن البحث عن بنت أصول تحترم شيبة والده وحتى لا يجد هو نفسه في يوم من الأيام بين الصخور وحيدًا كما فعل والده مع جده.