فى مشهد إنسانى رائع بينما كنت متواجدا فى إحدى حفلات الإنشاد والترانيم رأيتُ هناك فريق مُكَون من خمسين فرداً، وكان من بينهم شخصاً كفيفاً يقوم بالإسناد على آخر حتى يستطيع الذهاب إلى الميكرفون لتأدية الترنيمه الخاصه به وعندما بدأ بالأداء كانت جميع كلماته هى كلمات شكر لله بالرغم من فقدانه لنعمة البصر، وقد أمتَع الحضور بصوته العذب الدافئ وقد تفوق على أصدقائه وكان أجملهم جميعاً أداءً وصوتاً.
وامتلأت أعين الجميع بالدموع بعد سماعه فإنه وإن كان قد أمتعنا بصوتٍ رقيقٍ وعظيم قد اقشعرت له الأبدان، ولكنه لم يستطع أبداً أن يشاهد مدى سعادة الأخرين بجمال صوته العذب والذى صنع تأثيراً عظيماً بداخلنا، إنها حقاً إرادة لا تعرف طريقاً لليأس أبداً أو الاستسلام أو قلة الحيله والشعور بالعجز تجاه الحياة.
أذكُر أيضاً مشهد آخر حينما كُنت فى صالة للألعاب الرياضيه ورأيت هناك كفيفاً قد أتى بمفرده مُستنداً على عصا فسألته مُتحيراً هل يمكننى معرفة سبب مجيئك إلى هنا بمفردك؟ فرد قائلاً: جئتُ إلى هنا بمفردى لكى افقد من وزنى بعض الكيلوجرامات الزائدة ! وأنا لم أشعر بالعجز لأن الله لن يترك أحداً منا، إنها قوة الإرادة يا عزيزي.
وتلك الإرادة القوية لهؤلاء المكفوفين الذين قد فقدوا حاسة البصر ولكنهم لم يفقدوا البصيرة والنظرة الإيجابية تجاه الأمور، جعلتهم يتمتعون بجمال وبهجة الحياة والتى ربما لا نشعر بها ونحن نرى جمال الخلق.
هؤلاء قد فقدوا حاسة من أجمل النعم التى قد أنعم الله بها على الإنسان، فربما قد يتخيل روعة منظر غروب البحر ثم يشكر الله على نعمه الكثيرة، ولكنه لن يستطع أن يراه أبداً، ارفع عيناك نحو السماء الآن وقدم رسالة شكر على نِعم الله عليك، شكراً لك حقاً يا من قد وضعت بداخلنا الإرادة التى نستطيع أن نعبر بها جميع ضيقات ومتاعب الحياة، لا تُحوجنا لغيرك، دعنا نتذكر دائماً أننا نستطيع أن نفعل كل ما نسعى ونجتهد للوصول إليه، إنها قوة الإرادة التى خلقتها بداخل نفوسنا يا الله، قال الرسول بولس فى رسالته الى أهل افسس اشكروا فى كل وقت على كل شيء، فمن استطاع أن يعيش حياة الشكر ازدادت نعم الله على حياته.