ياسمين محمد الغريب تكتب: عتاب الحب

ها هو هناك ينظر إلىّ بتلك العميقتين فنظرت إليهما مليا ثم وجدت نفسى ضائعة فى بحور سوداء.

سوداوتان احتوياتنى ببريقهما المعتاد وسحبتنى إليه. كيف؟، لا أدرى! فوجدت نفسى أمامه وأنا الآن أسيرة لتلك اللحظة الصماء اللتى يختفى فيها الكون كله، وتظل فقط تلك اللحظة وتلك العميقتان اللتان تحتويانى وتغرقنى فيها وتغمض جفونها فأكون فقط حينها على شط الأمان.

ثم حدثتهما وقلت لهما لما الغياب أم أنتما لقلبى تهوان العذاب فنظرتا لى نظرة عتاب وقالتا أنتى من تهوين العذاب وأنتى أيضا السبب فى هذا الغياب فنظرت لها بشوق ثم قلت: نعم فأنا الآن أشعر بالندم ولم أشعر به إلا حينما أصبح قلبى هو موضع الألم.

فأنتى لا تدرين شيئا فالسبب وراء كل هذا هو الكبرياء فما شعرت بعشقى لكى إلا حينما فقدتك فقد شعرت بالفناء فالحب الذى يحكمه العند والكبرياء لا يكون حبا فقد حفظت جيدا وتعلمت العطاء.

حبيبى رجاء فما عاد يهم الكبرياء فإنى بدونك كالجسد بلا روح وحينما فقط أرى ظلك من بعيد تنظر إلىّ فى الخفاء أكون كالنبتة التى أوشكت على الموت فسقيتها بالماء فصارت زرعا تدب فيه الحياة، فإنى لا أطلب منك سوى البقاء فإنى أشتاق إليك بعدد تحرك عقارب الساعة كل ليلة فكل ثانية تمر وكأنها دهر فما مر سوى ليلتين وأنا بدونك أشعر بالفناء بل صار بين أضلعى خواء فإننى أبحث عن قلبى بداخلى فلا أجده فهو معك الآن وملك لك فهل ترده لى فأنت فقط لى الشفاء.

فقد سئمت من كبريائى وعندى وتصرفاتى الحمقاء فاننى الآن لا أريد سوى الدواء فابتسم وتدلل ونظر لى نظرة ماكرة وقال :وأى دواء هذا! فنظرت إليه بشوق ولامست خصلات ليل شعره الحالك وقلت: دوائى هو قربى منك فقد صرت تسرى فى عروقى كالإدمان فأنا بدونك لا أشعر بالأمان فلا تسلب منى حياتى فأنت حياتى فإن قلبى دائما يبحث عنك فلا حياة بدونك وأنت لى منبع الحنان فنظر لى وقال: حبيبتى المجنونة أحبك فاسترددت أنفاسى وضحكت عاليا ووضعت يداى حول كتفيه وقلت: سوداء هى عينيك أم تلك سهام صوبت إلى قلبى فلا تلومنى أن نظرت إلىّ هكذا وفقت صوبى فالذنب هما وليس ذنبى.