تحية احترام لك حواء.. قبلة صادقة على جبين كل امرأة مصرية، أما كانت أو أختا أو زوجة أو بنتا.. تحية لك فى يوم المرأة العالمى وفى عيدك أمى.. لك كل التبجيل والاحترام، والعرفان بدورك فى كل المجالات.
ولعل هديتى لكل حواء أن نتمم ما بدأناه فى المقال السابق، عن الثقافة الآثمة لبعض النساء. ولكن الحديث اليوم عن الثقافة الآثمة عند بعض الرجال..
وأبدأ حديثى معك آدم بهذا السؤال: كيف تفهم طبيعة علاقتك بالمرأة؟ هل هو حق القوامة أم سطو الزعامة؟
الجميع يعلم أن القوامة للرجل على المرأة، فهذا حق إلهى، يعرفه كل من يقرأ سورة النساء فى قوله تعالى:
(الرجَالُ قوّامُونَ عَلَى الِنسَاءِ بِمَا فَضّلَ اللهُ بَعْضَهُم عَلَى بَعْضٍ، وبِمَا أَنْفَقُوا من أمْوَالِهِم..) النساء: 34
لا أحد يمكنه منازعتك فى هذا الحق، ولكن ما القوامة من وجهة نظرك؟ ما القوامة فى ضوء الثقافة الآثمة للمجتمعات العربية؟ هل القوامة أن تتحكم، وتنهى وتأمر؟ هل القوامة أن تُطاع دون مناقشة؟ هل القوامة أن تستبد، وتهجر وتضرب؟ لقد ورد فى "الكشاف" للزمخشرى بصدد تفسير هذه الآية، أن القوامة "إنما تستحق بالفضل لا بالتغلب والاستطالة والقهر".
هكذا فهم المسلمون القوامة، وهكذا يكون المسلم.. القوامة أن تكون رجلا بما تستوجبه هذه الكلمة، القوامة بما تقدمه من فضل وكرم خلقٍ ويدٍ.. القوامة بما تمنحه زوجتك من حنان ورحمة.. القوامة أن تبذل المعروف والمودة.
القوامة أن تشعر زوجتك، وكل من فى رعايتك من نساء، أنك أنت الأمن والحماية، بما وهبك الله من قوة، القوامة أن تستغنى بك زوجتك عن البشر.. القوامة أن تحقق استقرار الأسرة بما وهبك الله من عقل وحكمة.. القوامة أن تتفهم طبيعة المرأة ورقتها.. القومة أن تكون خلوقا.. القوامة أن تنفق على أهل بيتك، وتكفيهم الحاجة والسؤال.. القوامة أن تتبع وتقتدى بخير الرجال، بمحمد صلى الله عليه وسلم، فقد ورد عنه فى الأحاديث الصحيحة: "أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم خلقا". رواه أحمد والترمذى. القوامة أن تكرم المرأة لأنها أسيرة عندك، كما قال النبى صلى الله عليه وسلم: "إنما هن عوان عندكم" أى أسيرات.. فالمرأة أسيرة فى بيتك، خرجت من دفء وحنان أبيها إليك، فأكرمها، وأكرم وفادتها عندك وإن طالت.
آدم.. القوامة.. ألا تتكبر أن تساعدها فى شئون منزلكما، القوامة.. أن تشعرها برفقك بها، القوامة.. أن تتخلص من الثقافة الذكورية الآثمة التى تربيت عليها، والتى بمقتضاها قد تشعر بالقلة والهوان إذا ساعدت زوجتك، وأرجوك أخى آدم لا تتعلل بكثرة مشاغلك وثقل عملك، فقد كان سيد البشر يساعد زوجاته، ولست أنت أكثر انشغالا من نبى الرحمة ورسول الأمة، وليست وظيفتك، أثقل من هموم حمل رسالة السماء إلى الأرض، ولا مهنتك أشرف ولا أعظم خطرا من تكليف النبى برسالة السماء. فقد كان صلى الله عليه وسلم، يخيط ثوبه، ويخصف نعله، ويقم لأهل بيته، ليس هذا أخى نقصا ولا عيبا، بل إن هذا التعاون، وتلك الرحمة تؤلف بين الزوجين، وتبارك الحياة، وترقق القلوب، وتسعد النفس.
وأخيرا قِف مع نفسك بصدق، واسألها: هل أنت قيوم على أهلك؟ أم أنك تسطو على حقوقهم وحريتهم؟
ولتعلم أن نبينا قال عن الرجال: "ما أكرمهن إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم".. فانظر فى أى المعسكرين أنت؟