يحاول كثير من الباحثين والمفكرين وخاصة العرب المسلمين تقديم إسهامات تساعد على خروج العرب والمسلمين من حالة التراجع فى النهضة والتقدم، وقد شملت هذه المحاولات مجالات شتى كل واحد على اهتمامه ورؤيته، فمنهم من طالب بالاهتمام بالفنون ومسايرة الموضة، ومنهم من طالب بتنقيح التراث الدينى والتاريخي، ومنهم من تبلورت رؤيته فى نقد العقل العربى بمنهجية فلسفية، واختلفت هذه المُطالبات بقربها وبعدها مما اتفق عليه علماء الشريعة لدرجة أنه قد ظهرت بعض المبادرات التى تنادى بما يُعرف بـ "إصلاح الإسلام".
وللأسف فأغلب هذه المحاولات باءت بالفشل وقُوبلت بالرفض من علماء الشريعة الرسميين، وعند النظر فى هذه الرؤى الإصلاحية نجد منها ما حاولت تصحيح المفاهيم المترسخة حول مكانة وقيمة بعض الرموز التاريخية وأشهرها التشكيك فى أصل وجود سيدنا إبراهيم النبي، مرورًا بالتقليل من شأن زعماء كصلاح الدين الأيوبي، وبغض النظر عن قوة أو ضعف هذه الأدلة، وبصرف النظر عن أهميتها وفائدتها للعقل العربى والإسلامي؛ فماذا فعلنا تجاه الثوابت التاريخية والدينية ؟، هل اقتدينا بكل شخصية متفق على قدسيتها ورفعة مكانتها، بالقطع لا!.
فالمشكلة تتمثل فى البعد عن الاهتمام وتطبيق الأمور المتفق عليها، فكان من الأولى والأجدر الاهتمام بتأهيل المقبلين على الزواج مثلًا حتى نقلل من نسب الطلاق وهو أمر متفق عليه بدلًا من الكلام حول أمور يرفضها أغلب المسلمين، وهو اتهام الإسلام بأنه السبب فى ارتفاع نسب الطلاق أو لتشريعه الطلاق، وغيرها الكثير جدًا من الأمور المتفق عليها من تربية الأخ على احترام أخته وتطبيق مبادئ القناعة والسماحة والتواضع بدلًا من تضييع وقت فى المطالبة بتغيير نسب الميراث، فالمطلوب تنفيذ وتطبيق المتفق عليه أولًا قبل التطرق للمختلف عليه، وهنا يكمن أسباب النهضة الحضارية للعرب والمسلمين.