قال تعالى فى كتابه العزيز: "هُوَ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ".
لم يكن أمر هذه الحياة ليستقيم لو لا أن خلق الله تعالى جنسين بشريين هما الذكر والأنثى؛ فالذّكر والأنثى هما رمزا التكامل الإنساني، ولو جعل الله الناس جنساً واحداً لفسدت الأرض، ولا يمكن تخيّل شكل الحياة آنذاك.
جعل الله تعالى ذروة سنام التكامل بين الرجل والمرأة فى الزواج؛ فعند الزواج يجد كلٌّ من الزوجين شريك حياته الذى يكمله ويرى دنياه وأخراه فى عينيه.
يبدأ الزواج عادةً بتعرّف كلٍّ من الرجل والمرأة على بعضهما البعض، ودراستهما لأمر زواجهما من كافة النواحي، ثمّ يُعقد العقد الأبدى الذى يدخلهما إلى قفص الزوجية كما يقال، ولكن هذا القول يتردّد على ألسنة العامة دون وعى بأبعاده؛ إذ يجب أن تستبدل لفظة القفص بلفظة أخرى تعطى انطباعاً عن مقدار المنفعة المكتسبة نتيجة إقدام كلٍّ من الزوجين على هذه الخطوة المهمة فى حياة كل منهما، والتى ستترك انطباعات وآثاراً إيجابية على حياة وشخصية كلّ واحد منهما.
بالنسبة للإنسان المسلم، فإنّ الزواج طريق ناجح للوصول إلى الله تعالى، فتكامل الرجل مع زوجته، وتكامل المرأة من زوجها يُفضيان فى نهاية المطاف إلى زيادة تعلق كلٍّ من الزوجين بالله تعالى، والالتزام بأوامره، واجتناب نواهيه.
يعصم كلا من الرجل والمرأة عن الفواحش، والآثام، فهو أحصن للإنسان؛ إذ يباعد بينه وبين طريق الشيطان.
يساعد على حفظ الأنساب؛ فتفشّى العلاقات غير الشرعيّة بين الناس ينتج أفراداً مجهولى النسب.
ينشأ الأطفال بفضل الزواج فى أجواء صحية، ملؤها الرحمة والحب والحنان؛ إذ يتربّون على الأخلاق الفاضلة، مما يسهم فى حفظ المجتمعات من الانحراف فى المستقبل.
يحفظ الحقوق بين الرجل والمرأة على عكس العلاقات غير الشرعية التى تمتاز بتضييعها للحقوق، وإخفاقها فى حفظ كرامة كلا الطرفين.
يدفع بالإنسان إلى الالتفات إلى ما هو أهم وأنفع له ولمجتمعه، ولأمّته من مجرّد السعى وراء إشباع الشهوات؛ فالزّواج يكفى الإنسان رجلاً كان أم امرأة غرزياً، ويُشبعه على المستويين العاطفى والنفسي، من خلال مشاعر صحيحة خالية من الاستغلال والشهوانية اتجاه شريك الحياة.
يساعد على تنمية الإنسان؛ إذ يُخلّصه ممّا كان يعكر عليه صفو حياته من صفات سلبية، وعلى رأس هذه الصفات الأنانية؛ فالأنانية مهلكة للفرد، والمجتمع على حدٍّ سواء.
يساعد على تعارف أبناء المجتمع على بعضهم البعض من خلال إنشاء علاقات اجتماعية بين أهل الزوجة وأهل الزوج.