كل إنسان يشعر بقمة المتعة عندما يجتهد ويحاول فى أمر ما، ويجد النتيجة إيجابية وملموسة بين يديه، فيشعر أن القدر يُكافئه على كده وتعبه، لكن الحياة لا تسير على خط واحد "One Track"، وإنما لها العديد من الخطى والمحاور، وهذا أحدها، فأحيانًا نجتهد فى أمر، ونضع كل آمالنا فيه، ورغم ذلك لا نحصل عليه، أو على الأقل نصل إليه بعد أن يكون لا جدوى منه فى حياتنا، وكثيرًا ما نبذل مجهودًا ضئيلاً فى شىء ما، ورغم ذلك نحصد الكثير من ورائه، لدرجة تُصيبنا بالدهشة، وهل نُنكر أن بعض المكاسب قد حصلنا عليها بطريق الصدفة البحتة، فكم من مرة دخلنا فى مواقف على سبيل التجربة والفكاهة، ورغم ذلك، كانت النتائج إيجابية وفى صالحنا، لدرجة أنها ظلت من التجارب المُثيرة للاستغراب والسعادة فى ذات الوقت.
لكن رغم كل ذلك، يظل هناك أمرا واحدا هو ما لا يخطر لنا على بال، وهو هدية القدر، واختباره فى ذات الوقت، وهذا يحدث عندما نُفاجأ بأن الحياة منحتنا شيئًا أكبر من إمكانياتنا، وأكثر من أحلامنا، وأقوى من تخيلاتنا، لدرجة أننا نشعر أننا لا نستحقه، ويظل التساؤل بداخلنا، لماذا ظهر هذا الشىء فى حياتنا فى هذا التوقيت المتأخر؟! ولِمَ كان من نصيبنا، رغم أنه يفوق إمكانياتنا؟! وهنا تكون فرحتنا عارمة ودهشتنا بالغة، ونشعر بالامتنان الشديد للحياة، فهى بالفعل قد أهدتنا هدية، دون أن نبذل أى مجهود للحصول عليها، فالقدر كما يبتلينا، أيضًا يُهادينا، وكما يحرمنا، يجزل علينا العطاء.
لكنه رغم كل ذلك، سيظل أذكى كثيرًا منا، فهو يمنحنا هدية لم نحلم فى يوم من الأيام بأن نمتلكها، ولكن بمجرد أن يبدأ الغرور يتملكنا، ونشعر أنها من مُكتسباتنا، ونغتر ونُهمل ولا نصونها، يأخذنا منا، ويُعلن نتيجة الاختبار، وهى رسوبنا بدرجة "ضعيف جدًا"، فأنت قد تصل لدرجة "امتياز" فى حياتك العلمية أو الدراسية، وترسب بدرجة "ضعيف جدًا"، مع القدر، فهو يمنحك هدية مكافأة لك على صبرك واحتمالك، ولكنه أيضًا يختبرك، هل تستحق عطية أم أنك نمرود، وتظهر حقيقتك بعد فترة من شعورك بامتلاكها، وهنا يحرمك من هديته، ويمنحها لمن يستحقها، وكم من أشخاص خسروا هدايا القدر؛ بسبب غرورهم الزائف، واستهتارهم بنعم الله، وعدم اعترافهم بأخطائهم.
والحقيقة أن الذكى الفطن، هو الوحيد الذى يكشف اللعبة، ويعرف أن الهدية مغلفة بالاختبار، وما عليك سوى أن تختار، إما أن تصبح الأول بتقدير امتياز، أو ترسب، وتخرج من السباق، ولكن لا تلعن القدر، فهو الذى هداك وميزك، وأنت الذى فشلت ورسبت، ويا ليتنا نستحق هدايا القدر.