فى حصاد العام الحالى الذى نودعه، نحقق النظر فيما تم إنجازه فى مصر خلال الاثنى عشر شهرًا الماضية، عملية سيناء الشاملة 2018، قمم مصرية أوروبية وأفريقية، استكمال برنامج الإصلاح الاقتصادي، وهنا نتوقف قليلا.
فبعد الحرب العالمية الثانية تضررت ألمانيا واليابان بشكل كبير، ولكنهما استطاعا أن يشكلا من بلادهما قوى اقتصادية كبرى، وعلى الرغم من التمويل الأمريكى للبلدين ومساعدة أمريكا لليابان بتمويلات واستثمارات أمريكية، أطلق التاريخ على صعود اليابان لمكانتها اليوم: المعجزة الاقتصادية.
وإن كان لصفة الإعجاز أن تصف بلدًا ما، فالأحق بذلك مصر، هى الجديرة أن تٌلقب بالمعجزة الاقتصادية، فلا يوجد برنامج إصلاح اقتصادى فى التاريخ دون ضحايا أو متضررون.
ولكن برنامج مصر فى الإصلاح الاقتصادى استطاع أن يحقق مؤشرات جيدة فى فترة وجيزة دون ضحايا حقيقيين وبدون مساعدة دول أخرى بعينها.
فارتفاع النمو وانخفاض نسب البطالة والتشغيل والحد من التضخم كان أهم ما تمّيز به برنامج الإصلاح الاقتصادي، حتى صندوق النقد الدولى لا يمُثل سوى خطوة مؤقتة نستطيع تخطيها باكتمال المشاريع العملاقة التنموية القومية التى أٌقيُمت بالفعل بمجرد أن تؤتى ثمارها.
أما فى سيناريو مظلم آخر كان من الوارد أن تقع بين براثنه الدولة المصرية، هو تنفيذ البرنامج الإصلاحى الإلزامى فى ظل احتياطى نقدى هزيل، هو وجود الضحايا الحقيقيين إثر برنامج الإصلاح ووسط انشغال الدولة بالبرنامج نفسه وتبعاته.
تحمّل الأعباء الاقتصادية وارتفاع الأسعار لبعض السلع غير الأساسية وإعادة تسّعير الخدمات الحكومية ورفع جزء من الدعم ليس هو الضرر الحقيقى الذى يلحق بتبعات الإصلاح بل الضرر الحقيقى هو:
تشريد أسر وعائلات بعينها لعدم وجود فرصة عمل أو لتدنى الدخل الشهرى للفرد ولكن لم يحدث هذا بل العكس، تمت إقامة مجتمعات عمرانية جديدة لتمتص العشوائيات بأكملها التى كان من الممكن أن تتحول من عشوائيات إلى مخيمات ومناطق لعائلات بأكملها مشردة خاصة مع الأمطار أو السيول أو أى كوارث طبيعية لن تستطيع الحكومة أو إدارة الأزمات احتوائها.
زيادة معدلات الفساد والسرقة فى ظل الاستثمارات الجديدة المقترنة بالإصلاح الاقتصادى ولكن بأولى خطوات الإصلاح الاقتصادى، كانت الرقابة الإدارية تعمل على الأرض بتطهير كل أطراف الدولة من أى عنصر فاسد أو خلل أخلاقى يستطيع أن يهدم ما يتم بناؤه.
غياب السلع الأساسية والتموينية وغياب أى أوجه من الرعاية الصحية فتتفشى الأوبئة والأمراض وغياب جودة حياة المواطن العادى وذى الاحتياجات الخاصة، ولكن فى الوقت ذاته تم تمرير قوانين جديدة لصالح ذوى الاحتياجات الخاصة وتخصيص أموال من صندوق تحيا مصر لمبادرات صحية للتخلص من فيروس سى الأعلى انتشارًا فى مصر ومسببات العمى.
يأتى فى أخر القائمة وليس أخيرًا، التعليم، الذى كان من الممكن التغافل عنه أو تأجيل إصلاحه فى وقت لاحق حتى يتم الانتهاء من برنامج الإصلاح الاقتصادى ولكن كانت الإرادة المصرية هى تجهيز عقول بمنهج علمى جديد يستطيع أن يخدم المشاريع الجديدة مثل المدرسة الفنية الملحقة بمشروع الضبعة النووية.
تتحمل الدولة والشعب تبعات الإصلاح ولا أحد ينكر أن هناك معاناة ولكن الأهم على الإطلاق أن اليوم ليس على المتضرر اللجوء لأحد لأنه لا يوجد متضررون بين ربوع مصر.