كثيرًا ما تحدث أشياء ومواقف فى حياتنا، فنقول ليتها حدثت من زمان، مثل أن تلتقى بشخص تشعر معه براحة وطُمأنينة، فتقول: ليتنى قابلته من زمان، أو أن تكتشف موهبة جديدة بداخلك، فتقول: ليتنى اكتشفتها من زمان، كانت حياتى ستتغير رأسًا على عقب، أو تأتيك فرصة العمر فى آخر العمر، فتشعر بالحسرة؛ لأنها لم تواتيك وأنت فى ريعان شبابك، فتقول: لو كانت واتتنى من قبل، لكانت غيرت مسار حياتى بأكمله.
وهنا نعيش فى دوامة الفرحة والحسرة، فلا تكون سعيدًا السعادة الكاملة؛ بسبب حزنك على ما راح من العمر دون سعادة، وتكون ناقمًا على الزمان، الذى أخفق فى تقديره للتوقيت المناسب، الذى يمنحك فيه ما تستحقه، وما تحتاج إليه.
ولكن، هون على نفسك، فالزمان أبدًا لم ولن يُخفق فى تقديره للتوقيت المناسب، فهو وحده من يعلم الوقت الذى تحتاج فيه لهذه الفرصة، أو لهذا الشخص، فربما لو كانت هذه الأشياء حدثت، أو هؤلاء الأشخاص قد قابلتهم فى وقت آخر، ربما لم تكن لتشعر بهم، أو تُوافيهم حقهم، فكنت ستخسرهم إلى الأبد، أو ربما كانت ظروفك ستُغشى عينيك عن قيمة هذه الأشياء فى حياتك، فتذهب منك إلى الأبد بلا رجعة.
والأهم من هذا وذاك، أن القدر وحده هو من يعلم بمدى احتياجك فى هذا التوقيت لهذه الأمور، فالإنسان عندما تهبط عليه ثروة من السماء، وهو فى مرحلة معينة من حياته، يتمنى لو أنها قد هبطت من فترة طويلة؛ حتى يستمتع بها، ولكنه لو تفكر بشىء من الروية، والحصافة، سيُدرك أنها لو كانت هبطت عليه قبل هذا التوقيت، ربما كان أضاعها بتهوره ورُعونته، علاوة على أنه كان فى تلك المرحلة السالفة، لديه القدرة والإرادة والصحة، لاحتمال أى ظروف، مهما بلغت قسوتها وشدتها، أما فى هذه المرحلة، فهو يتمتع بدرجة من النضج، تجعله يحافظ على كل ما تمحنه له الحياة من نعم وهبات وثروات، لاسيما وأنه قد يكون فى حاجة إلى الراحة والاستمتاع فقط.
وأخيرًا، لا تقول يا ليت ذلك، قد حدث من زمان، فتأكد أن الزمان يختار الموعد المناسب، الذى يتلاءم مع احتياجاتك، فهو فقط من يُقدر فُروق التوقيت.