اعلم رحمك الله أن السر فى نجاح امتنا الإسلامية وعزها وتمكينها فى الأرض هو تعلم أربع مسائل وهي: العلم، وهو معرفة الله جل فى علاه ومعرفة نبيه ومعرفة دينه بالأدلة، والعمل به والدعوة إليه والصبر على الأذى فيه، والدليل قوله تعالى: (وَالْعَصْرِ (1) إن الْإِنْسَانَ لَفِى خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3))، العصر.
قال الشافعى رحمه الله تعالى لو ما أنزال الله على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم، وقال البخارى رحمه الله تعالى باب العلم قبل القول والعمل، والدليل على أن العلم يقدم على القول والعمل قوله تعالى:( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ), محمد، فبدأ بالعلم قبل القول والعمل.
عبد الله عليك الانتباه إلى ثلاث مسائل وهي، الأولى أن الله خلقنا ورزقنا ولم يتركنا هملا بل أرسل إلينا رسولا فمن أطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار، والدليل قوله تعالى: (إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا)، المزمل، والثانية، أن الله لا يرضى أن يشرك معه أحد فى عبادته لا ملك مقرب ولا نبى مرسل والدليل قوله تعالى: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا )، الجن.
والثالثة، أن من أطاع الرسول ووحَد الله لا يجوز له موالاة من حاد الله ورسوله ولو كان أقرب قريب والدليل قوله تعالى: ( لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِى قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِى اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا أن حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)، المجادلة.
عباد الله متى ما حققت الأمة العبودية الحق الخالصة لله تعالى جاءها عزها ومكنها الله فى الأرض ونصرها بالعلم والحجة والبيان قبل السيف والبنان، وفتح الله لها قلوب الخلق أجمعين وشرح صدورهم للدين والإيمان راغبين منيبين لله تعالى من غير خوف أو اكراه قال تعالى: (وَنُرِيدُ أن نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِى الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)، القصص, وقال (الَّذِينَ أن مَكَّنَّاهُمْ فِى الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُور)، الحج, وقال (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ)، فاطر، فالناس ثلاثة ظالم لنفسه ومقتصد وسابق بالخيرات فكن من السابقين الاولين إلى الله والخير والفضيلة لا إلى الشر والفساد.