محمد الشرقاوى يكتب: دهس التعليم بالحصان وضربه بالكرباج

خلال الأسبوع المنصرم كان للتعليم صورتان فاقعتان ذائعتان على موائد أجهزة الإعلام وخاصة الفضاء الأزرق الرحب "فيس بوك"، حيث تَخَنْدَقَ البعض فى جلسات التعزية على التربية قبل التعليم، بينما البعض الآخر كان تعليقه الرسمى على الصورتين بـ"هز الأكتاف" إيمانا باعتيادية المشهد، بينما آخرين صَبّوا جامّ رد فعلهم على الوزير طارق شوقى. كان [المشهد الأول] من داخل المدرسة الثانوية التجارية بكفر الشيخ عندما لاحظت المعلمة "عواطف م.م" طالبًا يخرج كرباجا من طيات ملابسه محاولًا الاعتداء به على زميلٍه، فأخذته منه، وعقب الانتهاء من الامتحان طلب منها الطالب "الكرباج" فرفضت! إلا أن الطالب قام بمغافلتها وخطفه عنوة وأمسك بيديها وأوقعها أرضًا، وسحلها بطول ممر الدور، ما أدى لتعرضها للإغماء، وإصابتها بخدوش متعددة باليد اليمنى، وكدمة بالوجه، وخدوش بالركبة اليمنى –طبقا للتقرير الطبى المرفق بالمحضر رقم 16 لسنة 2019 أحوال قسم شرطة أول كفر الشيخ. ليضاف مشهدا آخر زاد من الغضب فجاء حادث دهس طالبين للمعلمة "إيمان خليل" بالمدرسة الثانوية التجارية بقرية ميت السودان بطنطا، حيث كانت المجنى عليها قد حررت محضر غش لطالب بالصف الأول الثانوى، فقرر أن ينتقم منها، فخرج من المدرسة، وأحضر زميله له مفصول من المدرسة، مستقلين [حصان] وقاما بدهسها فور خروجها من المدرسة وإصابتها بكسر بالذراع الأيسر وفرا هاربين. أَضِفْ إلى هذه المشاهد مشاهد أخرى يكون فيها الطالب مجنى عليه والمعلم جانى، وما بين هذا كله تختلط الصورة الذهنية للتعليم فى مصر بالقبيح واليأس والغضب، ويبقى المشهد القاتم متصدرا أجهزة الإعلام والمنتديات العامة وموائد الدردشة دون وضع حلول أو تحليل. إلا أن العراك الذى يطفو على سطح الأزمة هو لماذا لم يقدم وزير التربية والتعليم استقالته؟ ولماذا لم يقال من منصبه ؟ [بينما] كيف نخرج من هذه الأزمة ؟ وكيفية دراستها وتحليلها وجدوى مواجهتها ؟ يتم دفنها. الهجوم ساحق وماحق على طارق شوقى، ولدى قناعة ربما يشاركنى فيها البعض، أنه ليس من العدل أن نُحمل الوزير وحده التكاليف الباهظة من فاتورة تدنى الأخلاق! والتى منها عدم احترام المعلم وهيبته، وعدم تقدير المعلم لوظيفته بارتكابه مثلا الإيذاء البدنى أو التحرش أو التنمر بالتلاميذ، خاصة وأن القانون لم يأمن العقاب فيهم وليس منطقيا أن يسدد الوزير "كاش" سياسى باستقالة أو أن تُقدم القيادة السياسية على إقالته، بسبب خطأ طالب أو معلم، وإلا لن يجلس وزير تعليم على كرسى الوزارة سوى سويعات ويرتدى البيجامة والروب. تِركة السقوط الأخلاقى والتراجع القيمى داخل المجتمع ومدارسنا بالأخص بالأطنان ما يصعب على جهة حملها حتى لو كانت وزارة التربية والتعليم، لذلك نادى الرئيس السيسى الجميع بما اصطلحه "ببناء الإنسان المصرى” لذلك فإن بناء الطالب والمعلم هو تحدى الوزير الحقيقى لصالح الإنسانية كلها، وهو جوهر الرسالات، ومشروعه الحقيقى جنبا إلى جنب تطوير التعليم ومناهجه وطرق تدريسه وتقويمه. فهل ينجح الوزير؟ فى أن يكون التعليم أداة للتعبئة الأخلاقية لغسل الأدمغة وتحويلها من أدوات استقبال للغث والقبيح إلى أدوات إرسال للثمين والجميل! هل يستطيع أن يُقرب الجزر المنعزلة بين المعلم والطالب ؟ وأخيرا هل ينجح فى أن تكون المدرسة وحدة عسكرية تتحرك فيها الأوامر من أعلى إلى أسفل مع التزام صاحب السلطة بالقوانين والأعراف المنظمة دون استغلال للسلطوية وجهوية الإدارة. مشروع كبير أتمنى أن نبدأ فيه وننتهى منه قريبا حتى تصبح الأخلاق والقيم أمرا ثقافيا ومن الأمور الطبيعية والمؤسسية داخل مدارسنا.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;