أَعَبْلَةُ قَد زَادَ شَوقِى وَمَا أَرَى الدَّهْرَ يُدنِى إِلًى الأًحِبًّهْ
وَكَم جَهدَ نَائِبَةٍ قَـدْ لَقِيـتُ لأَجلِـكِ يَا بِنـتَ عَمِّى وَنَكْبَـهْ
بعد الشعور بالحنين، يتخلص عنترة إلى المرحلة التى تمثل التطور الطبيعى لذلك الشعور، وهى مخاطبة من يحن إليها ويهواها قلبه، فتراه يشكوا لمحبوبته عبلة، شدة ما ألمّ به من ألم الوحشة، والشوق إلى لقياها والتمتع بالنظر إليها، ويصف لنا أنه سأم من ذلك البعد، وذلك الفراق وذلك الشوق، فمتى يتنهى كل ذلك، ومتى يكون اجتماع الأحبة؟ إلا أن الدهر يحول دون ذلك .
فترى عنترة يشكوا ذلك الدهر، وينقم منه تفريقه وإبعاده عن محبوبته، فى نبرة يغلب عليها السأم والتعب، ونظرة تقر بما يفرضه عليه ذلك الواقع، فيا له من تعب ألمّ به، ويا له من بؤس أحاط به، يتحفه به ذلك الدهر .
ولم يكتف ذلك الدهر، بإتحاف عنترة بذلك الألم وذلك العناء، ولكنه يزيده عنتا فوق عنت، فها هى المصائب تتوالى عليه، وتُفرَضُ عليه تحديات وصراعات، شديدة الوقع، شديدة الصعوبة، وذلك واضح فى قوله (جَهْدَ نَائِبَةٍ)، وقوله (وَنَكْبَهْ)، ولكنه يصبر على ذلك، فيتحدى هذه الصعاب، ويتجاوز تلك المصائب والصراعات، كُرْمَى لمحبوبته وابنة عمه عبلة .