د. محمد فوزى أبو أحمد يكتب: أخلاق زمان والقيم المفقودة 2

استكمالاً لحديثنا عن أزمنة مضت نأمل الرجوع إلى أخلاقها وقيمها وتنشئتها لصبيانها وبناتها، وفى ظل التقدم والتطور السريع الذى نعيشه ويتسارع الجميع بل ويتصارع لمجاراته واللَّحاق به، يغفل البعض عن تحصين أولاده وبناته من مخاطره بسبب انشغالهم عنه أو انشغالهم به ويحتاجون هم أيضا لمن يحصنهم منه. فيجب على الآباء والأمهات ألا يتركوا أولادهم فريسة للانترنت والهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعى دون رقابة، ليتعلموا من تلك الوسائل كل شىء بل ويكتسبون منها تكوينهم الثقافى والاجتماعى، ويتخلون عن دينهم وقيمهم ومبادئهم بداعى حتمية اللحاق بركب التقدم والتطور. وعندما يتخلى الأب عن دوره فى تربية أبنائه ملقياً كل العبء على معلميهم فهذا ظلم وإجحاف لهم وعلى الأب أن يتحمل تبعات ذلك الفراغ الذى تركه خلف ظهره، صحيح أن التعليم مهنة سامية والمعلم له دور مهم وفعَّال بحكم خبرته ومكانته واحترام الجميع له فى توجيه النصح لطلابه وإرشادهم إلى ما ينفعهم ويرفع من قدرهم، غير أن العبء الأكبر يجب أن يتحمله الآباء الذين لا يتغيرون بتغير الوقت كما يتغير من يُعلم أبناءَه، أضف إلى ذلك انتهاجِ ثُلَّةٌ قليلة من المعلمين أعود وأقول ثُلَّةٌ قليلة من المعلمين ممن يُطلق عليهم "مدرسو المهرجانات" نهجاً غريباً فى تعليم طلابهم بأساليب لم نعهدها من قبل، بعيدة كل البعد عن أخلاقنا وقيمنا التى تربينا عليها وتلك الأساليب والوسائل لا تخلو من الرقص والطبل والزمر وتكون بلا شك سبباً فى فساد أخلاق من يَدرُس وعدم احترامه لمن يُدَرِّس. إن العودة إلى أخلاق زمنٍ كلنا يصفه بالجميل ليس بالأمر المستحيل، ولكن للأسف كلنا يكتفى بالوصف فحسب، فتجد من يحكى لزوجته قائلا: (فين أيام الزمن الجميل؟؟؟ أيام ما كان أبويا بياخدنى وأنا عندى تسع سنين من دور ابنى "حسين" معاه وهو رايح الجامع علشان أصلى جانبه، وطول الطريق واحنا رايحين واحنا جايين عمّال يدينى فى نصايح ومواعظ، فين الكلام ده دلوقتى؟؟؟) وفى الوقت الذى يحكى فيه عن أيام مضت يتمنى عودتها، يُرفع آذان العصر من مسجدٍ إلى جوار بيته، وعندئذٍ إما أن يذهب كى يصلى وحده تاركاً ابنه خلفه أو يجلس إلى جواره كى يؤنسه فى لعبه وتصفحه لِلَوحِهِ -اللوح: هو مرادف كلمة tablet باللغة العربية- ثم يعود فيقول: (ياااااااه فين أيام الزمن الجميل؟؟؟؟) للأسف نحن نعيش فى مجتمع ملئ بالتناقضات حيث نبكى على زمن جميل مضى رغم قدرتنا على إعادته نحو الصدارة من جديد بسلوكنا وتصرفاتنا وتعاملنا مع غيرنا. إذا أردت بحق عودة الزمن القديم بأخلاقه وقيمه، لتكن أنت بدايته وأحسن إلى كل من حولك بداية من والديك مروراً بمعلميك وصولاً إلى جيرانك وأصدقاءك وأولادك. أمَّا أن تعودت أن تنام فى سِدرٍ مَّخضُودٍ متكئاً على سُرُرٍ مَّوضُونَةٍ دون مشقة أو نصب وإلقاء العبء على غيرك متناسياً دورك فى إصلاح ما فسد، فلا أمل فى ظهور جيلٍ جديد من الشباب ينهض بمجتمعهِ أو يشغلُهُ قيمُهُ. آمل أن يشارك الجميع الصغيرِ والكبيرِ الغنىِّ والفقيرِ فى النهوض بهذا المجتمع كلٌ فى مكانه، فإن شرعنا فى ذلك بحق حتماً سننجح، وعندئذ سننعمُ جميعاً بنتائجه، وسوف نجنى سوياً ثمار ازدهاره وتقدمه.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;