إن الوطنية الصادقة هى سلوك يمارس وأفعال تنفذ وطريق يقتدى به ومشاعر وأحاسيس تفوح ولا يباح بها، إنها اعتقاد سائد بالقلب والروح وعمل الواجبات والأركان تجاه الوطن، وليست قولا باللسان وقيل فى حب الوطن، ما قسيت فيما تركت فى مدة عمرى شيئا هو أشد على نفسى من فراق الوطن، وأيضا قال الاصمعى قالت العرب اذا أردت أن تعرف طبع الرجل فانظر حنينه الى وطنه، وأيضا كما قال الشاعر وحبب أوطان الرجال إليهم مآرب قضاها الفؤاد هنالك إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهم عهود الصبا فحنوا لذلك، ومن هنا دعوة لبناء الوطن والحفاظ عليه لأن الوطن هو الملاذ والحصن والأمان ولعل فى قصة حمار زوجة غليوم عظة وتعليم لنا كيفية حب الوطن.
فى عام 1898 زار الإمبراطور الألمانى غليوم الثانى دمشق فخرجت المدينة عن بكرة أبيها لاستقباله، واستقبلته استقبالا حافلا وعند مدخل القلعة لاحظت زوجة غليوم حمارا أبيض جميلا فأثار انتباهها، وطلبت من حاكم دمشق فى ذلك الوقت مصطفى عاصم باشا أن يأتيها بالحمار لكى تأخذه معها كذكرى إلى برلين، فذهب الحاكم يبحث عن صاحب الحمار وكان يدعى تللو فطلب منه إهداء الحمار الى زوجة الامبراطور، فاعتذر الرجل، فغضب الحاكم غضبا شديدا، وتعجب فعرض على تللو شراء الحمار بأى ثمن لكنه أصر على الرفض، وقال له لدى ست رؤوس من الخيل الجياد إن شئت قدمتها كلها إلى الامبراطورة هدية دون مقابل، أما الحمار فلا، فاستغرب مصطفى باشا من هذا الجواب وسأله عن السبب، فرد الرجل مبتسما سيدى الحاكم إذا أخذوا الحمار الى بلادهم ستكتب صحف برلين والعالم عن الحمار وسيتساءل الناس من أين هذا الحمار؟، وسيصبح الحمار الشامى حديث كل العالم ومعرضا للسخرية ومرددين هل يعقل أن امبراطورة ألمانيا لم تجد فى بلاد الشام ما يعجبها غير الحمير، لذلك لن أقدمه ولن أبيعه فنقل مصطفى باشا ذلك الموقف الى الإمبراطور فضحك كثيرا وأعجب بالرد، وأصدر الامبراطور امره بمنح صاحب الحمار أبو الخير تللو وساما، ورحم الله من قبلنا فكانوا يخافون على بلادهم وسمعة أوطانهم.
ما يتحقق فى الوطن فى الوقت الحالى من انجازات و حقائق ومشاريع ناجحة بقيادة حكيمة وواعية لسيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى هو خير رد على هؤلاء المنتفعين والمرتزقة.
وأخيرا إن مصر هى أرض الكنانة وهى مهد الحضارات وهى أم الأمم فحافظوا عليها وارفعوا لواء عزها ولا تدعوا مخربا ولا مضللا أن تمتد يده إلى وطنه بتخريب وأذى، وحفظ الله مصر بقائدها وشعبها وجيشها ورجالها.