بين القلب وبين الرغبة فى التميّز والنجاح فى كل الشأن الإنسانى ود قديم موغل فى السرائر والأعماق، غائر فى شعاب الضمير، يترقرق ويستيقظ كلما فشل الإنسان أو خاب، وتُعد هذه العلاقة (بين القلب والنجاح) بمثابة لغة سرية! متعارف عليها فى صميم الفطرة وأغوار المشاعر. وبينهما أيضا تجاوب ومناجاة بغير نبرة ولا صوت .
ولابد للقلب من يد أو أداة تجلو عنه غواشى الهوى فيبصر الحق فى صورته الصحيحة.. ليتضح له الطريق وضوحا كاشفا لا غبش فيه ولا شبهة ، وليظهر له النور اللطيف الشفيف الرائق الصافى.
وهذه اليد أو الأداة ضرورية لتطوير مهارات الإنسان وأداءه فى مختلف مچالات الحياة، ومساعدته على فهم الآخرين بصورة أفضل، وعلى كيفية التعامل معهم والتأثير فيهم، وعلى علاچ الخوف والوهم، وغيرها من الأمور التى تعيق إقبال الفرد على طاعة الله، فمن يتصور أن اللجوء إلى الله والدين هو الحل والناچى من كل المآثم، فنقول: وما الحل مع من لا يستطيع أن يُقبل على الله؟ يمنعه الماضى والوساوس وعدم ثقته بنفسه، فلابد من معاون ليمكّنه من تنمية مهاراته البشرية ليقبل على الله، وهؤلاء المعاونون هم الدعاة ومدربو التنمبة البشرية.
ويعتقد كثير من الدواعش وأمثالهم من السلفيين المتشددين وغيرهم من جُهال العلم معارضى تنمية المهارات البشرية أن الطب والعلاج محصور فى الحجامة والرقية والعسل، وهـــذا قصور وتغافل يا أيها الدواعش!! فقد ثبت بالدليل القاطع والثابت أن الرقية علاچ قديم وكان موجودًا قبل الإسلام فأيّده الإسلام بضوابط وليس شرطًا أن تكون الرقية بالقرآن، بل المعيار ألا يكون فيها ألفاظ شركية، وألا يعتقد أن الشفاء فى هذا الشىء دون الاعتقاد فى قدرة الله على الشفاء، ويقاس على ذلك كل علاج قديم أو حديث، ومن هذه الأدلة ما أخرجه مسلم فى صحيحه برقم (2200) عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْچعِيِّ، قَالَ: كُنَّا نَرْقِى فِى الْچاهِلِيَّةِ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ تَرَى فِى ذَلِكَ فَقَالَ : «اعْرِضُوا عَلَى رُقَاكُمْ، لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ».
أيها الدواعش ويا أيها المتشددون فى فهم منهج السلف : ألم تعوا دعوة الشرع إلى ضرورة ووچوب إصلاح النفس والعقل والمهارات المكتسبة والفطرية؟
وهى كثيرة منها: قوله عز وچل فى سورة الشمس ( الآيات من 7 – 10 ) ﴿ وَنَفْسٍ وَماسَوَّاها (7) فَأَلْهَمَها فُچورَها وَتَقْواها (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها (9) وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها (10) ﴾
أيها الدواعش ويا أيها المتشددون فى فهم منهج السلف: لماذا لم تلتفتوا إلى أقوال العلماء فى ضرورة تغيير العادات السلبية كقول الإمام الراغب الأصفهانى (المتوفى: 502هـ) فى كتابه تفصيل النشأتين وتحصيل السعادتين ( ص 97، 98) فيقول : " وقد توهم قوم أن لا أثر للتأديب والتهذيب فإن الناس مچبولون على طبائع لا سبيل إلى تغييرها ، فمنهم أخيار بالطبع، ومنهم أشرار بالطبع ...والناس وإن تفاوتوا فى أصل الخلقة فما أحد إلا وله قوة على اكتساب قدر ما من الفضيلة ولولا ذلك لبطلت فائدة الوعظ والإنذار والتأديب ".
أيها الدواعش ويا أيها المتشددون فى فهم منهج السلف: ليس بسبب وجود قلة مخطئة من المدربين المشتغلين فى تنمية المهارات البشرية والذين يسعون للكسب المادى السهل، أو بيع الوهم ، أو منح اعتمادات وهمية زائفة أن نعمم أو نسيئ الظن بالكثرة الصادقة ، فعلى الجميع أن يساند أصحاب الرسالة السامية من معالجى العقول والقلوب كالمدربين الصادقين، والذين يعملون تحت غطاء قانونى وغطاء معروف كالنقابة العامة لمدربى التنمية البشرية ومدربيها النقابيين.