تمتلك مصر اليوم ما يؤهلها لرئاسة الاتحاد الإفريقى، بل ولديها الكثير من الآليات في جعبتها التي اكتسبتها خلال السنوات الماضية في تجربة الدولة المصرية التي تستطيع أن تمّكنها من مواجهة التحديات في القارة الإفريقية، تلك القارة التي عانت من مشاكل عدة، بداية من الاستعمار ونهب الثروات واجتياح الثورات والحروب الأهلية والإرهاب والقرصنة وسرقة الموارد والهجرة الغير شرعية والنزوح القسرى.
ففى معركة مصر للبقاء وحرب الوجود التي خاضتها، انتصرت على مثل تلك التحديات داخليًا وهذا ما أثراها لكيفية مواجهتها على مستوى قارة بحجم إفريقيا.
فعلى الصعيد المجتمعي ؛ وتمكين المرأة والشباب الذي جاء واضحًا في كلمة الرئيس في تسلم الاتحاد، وهذا ما حدث في مصر مؤخرًا بالفعل، مع تزامن منتدى شباب إفريقيا المرتقب في مارس 2019م في عاصمة الشباب الإفريقي بأسوان، فتمكين المرآة الإفريقية والشاب الافريقى هو أحد آليات القوة الناعمة بأنامل مصرية لتوظيف مهارتهم والحرب على الإرهاب.
أما على الصعيد السياسي وموقف مصر الدبلوماسي وتشجيع الحكومات الوطنية والاستقرار ودعم الجيوش الوطنية لكل بلد مما سيقلل من التوترات الداخلية ويقلل من نسب الهجرة الغير شرعية والنزوح القسري ومخاطر الهجرة الغير شرعية مع العمل بالتوازي على حسن استخدام موارد القارة البكر وتشجيع ذلك بالتصنيع وربط البلدان يبعضها البعض سواء عن طريق السكة الحديد وتشجيع التجارة البينية أو حتى الربط الكهربائي والمائي مما سيكثر من فرص العمل بداخل كل دولة ويقلل النزوح القسرى ويخفض التوترات الداخلية وتحسين العلاقات بين البلدان.
أما على الصعيد الأمني ومحاربة القرصنة في الصومال والحدود المائية للبحر الأحمر، فربما هذا هو التحدي الأكبر والأصعب أمام دور مصر كرئيس للاتحاد الإفريقي ولكن لدى مصر الكثير من الآليات المعنوية والعسكرية من خلال التعاون العسكري المشترك بين مصر وبين تلك الدولة والذي تستطيع من خلاله القضاء على كل الفصائل المسلحة التي تهدد أمن القارة .
وعلى صعيد السياسة الخارجية وتوطيد العلاقات الإفريقية الأوروبية والأسيوية فمن المرتقب وبالتأكيد أن نشهد تلك القمم التي تجمع بين إفريقيا وأوروبا والصين والتي ستجلب الكثير من الاستثمارات داخل القارة لتستغل الكنوز داخل القارة السمراء وتزيد من فرص العمل أكثر وأكثر مع تحسن مرتقب أيضًا في العلاقات الأوروبية بوساطة مصرية والتي اعترفت أوروبا أن لمصر دورًا كبير في تقليل قوارب الموت، قوارب الهجرة الغير شرعية واللاجئين الذين مثلوا خطرًا كبيرًا على حكومات أوروبا .
إن المجهود الذي قامت به مصر والمفاوضات السلمية التي انتهجتها في ملف المياه والدبلوماسية الأنيقة ،هي التي أعطت لمصر فرصة ترأس الاتحاد الإفريقي مما سيثرى إفريقيا بأكملها بتجربة مصر الفريدة في الإصلاح على كافة الأصعدة وسيثمن دور مصر أمام العالم الغربي والوطن العربي كوسيط وشريك وقائد أساسي يستطيع بدوره الفعال أن تكون دائمًا رائدة وسبّاقة ومتفوقة على ذاتها.