حث الإسلام على الاخلاق الفاضلة وذم السيئة والرذيلة منها قال تعالى: "وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ" القلم, وقال رسول الله:"إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" وقال أيضا "ما من شيء في الميزان أثقل من حسن الخلق " ، والنصوص في ذلك كثيرة ولست بصدد ذكرها ولكني أريد إن انبه إلى خلق مذموم يخالفها ألا وهو الاستهزاء بالآخرين فقد نهانا الله عنه وقال: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ", الحجرات.
بل نهانا رسول الله عن الغيبة , وهى ذكر الآخرين بما يكرهون ولو كان فيهم حقيقة قال رسول الله: "أتدرون ما الغيبة ؟ ذكرك أخاك بما يكره إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته و إن لم يكن فيه فقد بهته" ، فيا عباد الله الاستهزاء بالآخرين واحتقارهم وتصغير شأنهم وغيبتهم محرم فما بالك إذا كان الاستهزاء بالله وآياته ورسله فلا شك انه يكون اعظم حرمة بل كفر وردة عن الإسلام قال تعالى:" قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ" , التوبة. والاستهزاء على نوعين : الأول , الاستهزاء الصريح كالذين قالوا : ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا ولا أكذب ألسنا ولا أجبن عند اللقاء, فنزل فيهم: (قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ). والنوع الثاني : غير الصريح مثل الغمز بالعين وإخراج اللسان ومد الشفة قال تعالى:"وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ", الهمزة.
من صفات المشركين الاستهزاء والاستخفاف بالأنبياء وإتباعهم إذا دعوهم إلى التوحيد قال تعالى: "وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا (41) إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا" , الفرقان ، وكان المشركون يعيبون الأنبياء ويصفونهم بالسفاهة والضلال والجنون لما في أنفسهم من تعظيم الشرك. وهكذا تجد اليوم من فيه شبه منهم إذا سمع من يدعو إلى التوحيد استهزأ به لما عنده من استساغة الشرك, قال تعالى: (وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ), الزمر. ويحلف أحدهم اليمين الغموس كاذبا ولا يجترئ أن يحلف بشيخه كاذبا . بل كثير منهم يرى أن استغاثته بالشيخ عند قبره أنفع له من أن يدعو الله وحده في المسجد عند السَحر, لهذا يهجرون المساجد ويعمرون المشاهد ويحرفون النصوص عن دلالاتها ومعناها الحق لتوافق اهوائهم والعياذ بالله.